وادّون كفرهم على كل حال سواء ظفروا بهم أم لم يظفروا» انتهى.
قال شهاب الدين (١) : «والظّاهر أنه عطف على الجواب ، وقوله : هم وادّون ذلك مطلقا مسلم ، لكن ودادتهم له عند الظّفر والتسليط (٢) أقرب وأطمع لهم فيهم».
وقوله : (لَوْ تَكْفُرُونَ).
يجوز أن يكون لما سيقع لوقوع ، وأن تكون المصدرية عند من يرى ذلك.
وتقدم تحريرهما في البقرة.
فصل في معنى الآية
والمعنى (٣) : ودوا لو تكفرون بمحمد صلىاللهعليهوسلم فلا تناصحوهم ، فإنهم لا يناصحونكم.
قوله تعالى : (لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحامُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) (٣)
قوله : (لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحامُكُمْ).
لما اعتذر حاطب بأن له أرحاما وأولادا فيما بينهم بيّن الله ـ تعالى ـ أن الأهل والأولاد لا ينفعون شيئا يوم القيامة إن عصى من أجل ذلك.
(يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ) فيدخل المؤمنين الجنة ، ويدخل الكافرين النار (٤)(وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ).
قوله : (يَوْمَ الْقِيامَةِ) يجوز فيه وجهان (٥).
أحدهما : أن يتعلق بما قبله ، أي : لن ينفعكم يوم القيامة ، فيوقف عليه ، ويبتدأ (يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ).
والثاني : أن يتعلق بما بعده ، أي : يفصل بينكم يوم القيامة ، فيوقف على «أولادكم» ويبتدأ (يَوْمَ الْقِيامَةِ).
والقراء في (يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ) على أربع مراتب :
الأولى (٦) : لابن عامر : بضم الياء وفتح الفاء والصاد مثقلة.
__________________
(١) الدر المصون ٦ / ٣٠٣.
(٢) زاد في أبعد هذه الكلمة : عليهم ، بل هم موادون كفرهم.
(٣) ينظر : القرطبي ١٨ / ٣٧.
(٤) ينظر : السابق.
(٥) ينظر : الدر المصون ٦ / ٣٠٣.
(٦) ينظر هذه القراءات الأربع في : السبعة ٦٣٣ ، والحجة ٦ / ٢٨٥ ، وإعراب القراءات ٢ / ٣٦٠ ، وحجة القراءات ٧٠٦ ، والعنوان ١٨٩ ، وشرح الطيبة ٦ / ٥٠ ، وشرح شعلة ٦٠١ ، وإتحاف ٢ / ٥٣٣.