فصل في وجوه الطلاق (١)
روى الدار قطني عن ابن عباس أنه قال : الطلاق على أربعة وجوه وجهان حلالان ، ووجهان حرامان.
فأما الحلال ، فأن يطلقها [طاهرا](٢) من غير جماع ، وأن يطلّقها حاملا متبينا حملها ، وأما الحرام فأن يطلقها حائضا ، وأن يطلقها حين يجامعها لا يدري أشتمل الرّحم على ولد أم لا(٣).
واعلم أن الطلاق في حال الحيض والنفاس بدعة ، وكذلك في الطّهر الذي جامعها فيه لقول النبي صلىاللهعليهوسلم : «وإن شاء طلّق قبل أن يمضي».
وطلاق السّنة : أن يطلّقها في طهر لم يجامعها فيه ، وهذا في حقّ المرأة يلزمها العدة بالأقراء.
وأما طلاق غير المدخول بها في حيضها ، أو الصغيرة التي لم تحض ، والآيسة بعد ما جامعها ، أو طلق الحامل بعد ما جامعها ، أو في حال رؤية الدم لا يكون بدعيّا ولا سنيّا ، لقوله ـ عليه الصلاة والسلام ـ : «ثمّ ليطلّقها طاهرا أو حاملا».
والخلع في حال الحيض أو في طهر جامعها فيه فلا يكون بدعيا ، لأن النبي صلىاللهعليهوسلم أذن لثابت بن قيس في مخالعة زوجته من غير أن يعرف حالها ، ولو لا جوازه في جميع الأحوال لاستفسره.
قوله : (لِعِدَّتِهِنَ).
قال الزمخشري (٤) : «مستقبلات لعدتهن» ، كقولك : أتيته لليلة بقيت من المحرم أي : مستقبلا لها ، وفي قراءة رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من قبل عدتهن» انتهى.
وناقشه أبو حيان في تقدير الحال التي تعلق بها الجار كونا خاصّا.
وقال (٥) : «الجار إذا وقع حالا إنما يتعلق بكون مطلق».
وفي مناقشته نظر ، لأن الزمخشري لم يجعل الجار حالا ، بل جعله متعلقا بمحذوف دلّ عليه معنى الكلام (٦).
وقال أبو البقاء (٧) : «لعدّتهنّ» أي : عندما يعتد لهن به ، وهن في قبل الطهر. وهذا تفسير معنى لا تفسير إعراب.
__________________
(١) ينظر : القرطبي ١٨ / ١٠٠.
(٢) سقط من أ.
(٣) أخرجه الدار قطني (٤ / ٥) عن ابن عباس.
(٤) ينظر : الكشاف ٤ / ٥٥٢.
(٥) ينظر : البحر المحيط ٨ / ٢٧٧ ، ٢٧٨.
(٦) ينظر : الدر المصون ٦ / ٣٢٩.
(٧) ينظر : الإملاء ٢ / ١٢٢٧.