الزوجات داخلة فيه بالإلحاق ، لأن الزوج يحصي ليراجع ، وينفق أو يقطع ، وليسكن أو يخرج ، وليلحق نسبه أو يقطع ، وهذه أمور كلها مشتركة بينه وبين المرأة ، وتنفرد المرأة دونه بغير ذلك وكذلك الحاكم يفتقر إلى إحصاء العدة للفتوى عليها ، وفصل الخصومة عند المنازعة ، وهذه فوائد الأمر بإحصاء العدّة.
قوله : («وَاتَّقُوا اللهَ رَبَّكُمْ). أي : لا تعصوه.
(«لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ). أي : ليس للزّوج أن يخرجها من مسكن النكاح ما دامت في العدّة ، ولا يجوز لها الخروج أيضا لحق الزوج إلا لضرورة ظاهرة ، فإن خرجت أثمت ، ولا تنقطع العدّة (١).
فإن قيل : ما الحكمة في قوله تعالى : (وَاتَّقُوا اللهَ رَبَّكُمْ) ولم يقتصر على قوله : (وَاتَّقُوا اللهَ)؟.
فالجواب (٢) : إن في هذا من المبالغة ما ليس في ذاك ، فإن لفظ الرّبّ يفهم منه التربية ، وينبه على كثرة الإنعام بوجوه كثيرة ، فيبالغون في التّقوى حينئذ خوفا من فوت تلك التربية.
فصل في الرجعية والمبتوتة (٣)
والرجعية والمبتوتة في هذا سواء ، وذلك لصيانة ماء الرجل ، وهذا معنى إضافة البيوت إليهن ، كقوله تعالى : (وَاذْكُرْنَ ما يُتْلى فِي بُيُوتِكُنَ) [الأحزاب : ٢٤] ، وقوله تعالى : (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَ) [الأحزاب : ٣٣] فهو إضافة إسكان لا إضافة تمليك ، وقوله (لا تُخْرِجُوهُنَ) يقتضي أن يكون حقّا على الأزواج ، وقوله : (وَلا يَخْرُجْنَ) يقتضي أنه حق على الزوجات ، فلا يجوز لها أن تخرج ما لم تنقض عدتها ، فإن خرجت لغير ضرورة أو حاجة أثمت ، فإن وقعت ضرورة أو خافت هدما أو غرقا ، فلها أن تخرج إلى منزل آخر ، وكذلك إن كانت لها حاجة من بيع غزل أو شراء قطن ، فيجوز لها الخروج نهارا ولا يجوز ليلا ؛ فإن رجالا استشهدوا ب «أحد» ، فقالت نساؤهم : نستوحش في بيوتنا فأذن لهن النبي صلىاللهعليهوسلم أن يتحدثن عند إحداهن ، فإذا كان وقت الليل تأوي كل امرأة إلى بيتها.
وأذن النبي صلىاللهعليهوسلم لخالة جابر لما طلقها زوجها أن تخرج لجداد نخلها.
وإذا لزمتها العدة في السفر تعتد ذاهبة وجائية ، والبدوية تنتوي حيث ينتوي أهلها في العدة ، لأن الانتقال في حقهم كالإقامة في حق المقيم.
__________________
(١) ينظر : القرطبي ١٨ / ١٠٢.
(٢) ينظر : التفسير الكبير ٣٠ / ٣٠.
(٣) ينظر : القرطبي ١٨ / ١٠٢.