أحدها : أنه جمع بريء أيضا ، والأصل كسر الباء ، وإنما أبدل من الكسرة ضمّة ك «رخال ، ورباب» قاله الزمخشري (١).
الثاني : أنه جمع «بريء» أيضا وأصله : «برآء» كالقراءة المشهورة إلّا أنه حذف الهمزة الأولى تخفيفا. قاله أبو البقاء (٢).
الثالث : أنه اسم جمع ل «بريء» نحو : «تؤام ، وظؤار» اسمي جمع ل «توأم ، وظئر».
وقرأ عيسى أيضا (٣) بفتح الباء وهمزة بعد ألف ، كالتي في «الزخرف» (٤) ، وصح ذلك لأنه مصدر ، والمصدر يقع على الجمع كوقوعه على الواحد.
قال الزمخشري (٥) : «والبراء والبراءة كالظماء والظماءة».
وقال مكي (٦) : وأجاز أبو عمرو وعيسى بن عمر : «براء» ـ بكسر الباء ـ جعلاه ك «كريم وكرام».
قال القرطبي (٧) : هو على وزن «فعال» مثل : «قصار وقصير» ، و «طوال وطويل» و «ظراف وظريف» ويجوز ترك الهمزة حتى تقول برآ وتنون.
وأجاز الفراء : بفتح الباء ، ثم قال : «وبراء» في الأصل مصدر.
كأنه لم يطلع على أنها قراءة منقولة.
فصل في الاقتداء بسيدنا إبراهيم
قال القرطبي (٨) : «الآية نصّ في الأمر بالاقتداء بإبراهيم ـ عليه الصلاة والسلام ـ في فعله ، وذلك يدلّ على أن شرع من قبلنا شرع لنا فيما أخبر الله ورسوله».
قوله : (كَفَرْنا بِكُمْ) ، أي بما آمنتم به من الأوثان.
وقيل : بأفعالكم وكذبناها وأنكرنا أن يكونوا على حق ، (وَبَدا بَيْنَنا وَبَيْنَكُمُ الْعَداوَةُ وَالْبَغْضاءُ أَبَداً) أي : هذا دأبنا معكم ما دمتم على كفركم حتى تؤمنوا بالله وحده ، فحينئذ تنقلب المعاداة موالاة.
فإن قيل : ما الفائدة في قوله : (تُؤْمِنُوا بِاللهِ وَحْدَهُ) ، والإيمان إنما هو بالله وبغيره كقوله : (كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ) [البقرة : ٢٨٥].
__________________
(١) ينظر : الكشاف ٤ / ٥١٤.
(٢) ينظر : الإملاء ٢ / ١٢١٨.
(٣) ينظر : المحرر الوجيز ٥ / ٢٩٥ ، والبحر المحيط ٨ / ٢٥٢ ، والدر المصون ٦ / ٣٠٤.
(٤) ينظر تفسير سورة الزخرف ، آية (٢٦).
(٥) ينظر : الكشاف ٤ / ٥١٤.
(٦) ينظر : المشكل ص ١٢١٨.
(٧) الجامع لأحكام القرآن ١٨ / ٣٨.
(٨) السابق.