وقرأ المفضل (١) : «بالغا» بالنصب ، «أمره» بالرفع. وفيه وجهان (٢) :
أظهرهما : وهو تخريج الزمخشري (٣) : أن يكون «بالغا» نصبا على الحال ، و (قَدْ جَعَلَ اللهُ) هو خبر «إن» تقديره : إن الله قد جعل لكل شيء قدرا بالغا أمره.
والثاني : أن يكون على لغة من ينصب الاسم والخبر بها ، كقوله : [الطويل]
٤٧٨٢ ـ ........... |
|
... إنّ حرّاسنا أسد(٤) |
ويكون (قَدْ جَعَلَ) مستأنفا كما في القراءة الشهيرة.
ومن رفع «أمره» فمفعول «بالغ» محذوف ، تقديره : ما شاء ، كما تقدم في القرطبي(٥).
فصل في معنى الآية (٦)
قال مسروق : يعني قاض أمره فيمن توكل عليه وفيمن لم يتوكل عليه إلا أن من توكل عليه يكفر عنه سيئاته ، ويعظم له أجرا.
قوله : (قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً).
قيل : إن من قوله تعالى : (فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَ) إلى قوله : (مَخْرَجاً) آية ، ومنه إلى قوله تعالى : (قَدْراً) آية أخرى ، وعند الكوفي والمدني المجموع آية واحدة (٧).
وقرأ جناح بن (٨) حبيش : «قدرا» بفتح الدال.
والمعنى (٩) : لكل شيء من الشدة والرخاء أجلا ينتهي إليه.
وقيل : تقديرا.
وقال السدي : هو قدر الحيض في الأجل والعدة (١٠).
وقال عبد الله بن رافع : لما نزل قوله تعالى (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ) فقال أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم : «فنحن إذا توكلنا عليه يرسل ما كان لنا ولا نحفظه» ، فنزلت : (إِنَّ اللهَ بالِغُ أَمْرِهِ) فيكم وعليكم (١١).
وقال الربيع بن خيثم : إنّ الله قضى على نفسه أن من توكل عليه كفاه ، ومن آمن به
__________________
(١) ينظر : القراءة السابقة.
(٢) ينظر : الدر المصون ٦ / ٣٢٩.
(٣) ينظر : الكشاف ٤ / ٥٥٦.
(٤) تقدم.
(٥) ينظر : الجامع لأحكام القرآن ١٨ / ١٠٧.
(٦) ينظر السابق ١٨ / ١٠٦.
(٧) ينظر : التفسير الكبير ٣٠ / ٣٢.
(٨) ينظر : البحر المحيط ٨ / ٢٧٩ ، والدر المصون ٦ / ٣٣٠.
(٩) ينظر : القرطبي ١٨ / ١٠٧.
(١٠) ذكره القرطبي في «تفسيره» (١٨ / ١٠٧).
(١١) ينظر المصدر السابق.