وقيل : إن ارتبتم في دم البالغات مبلغ اليأس أهو دم حيض ، أو استحاضة ، وإذا كان هذا عدة المرتاب فيها فغير المرتاب فيها أولى.
وأغرب ما قيل : إن (إِنِ ارْتَبْتُمْ) بمعنى : تيقّنتم ، فهو من الأضداد.
قوله : (وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ).
مبتدأ ، خبره محذوف ، فقدره جملة كالأولى ، أي : فعدتهن ثلاثة أشهر أيضا ، والأولى أن يقدر مفردا ، أي : فكذلك أو مثلهن.
ولو قيل : بأنه معطوف على (اللَّائِي يَئِسْنَ) عطف المفردات ، وأخبر عن الجمع بقوله : «فعدّتهنّ» لكان وجها حسنا ، وأكثر ما فيه توسّط الخبر بين المبتدأ وما عطف عليه. وهذا ظاهر قول أبي حيان (١) : و (اللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ) معطوف على قوله (وَاللَّائِي يَئِسْنَ) ، فإعرابه مبتدأ كإعراب «واللائي».
قوله : (وَأُولاتُ الْأَحْمالِ) مبتدأ ، و «أجلهنّ» مبتدأ ثان ، و (أَنْ يَضَعْنَ) خبر المبتدأ الثاني وهو وخبره خبر الأول.
والعامّة : على إفراد «حملهنّ».
والضحاك (٢) : «أحمالهنّ».
فصل في عدة التي لا ترى الدم (٣)
لما بين أمر الطلاق والرجعة في التي تحيض ، وكانوا قد عرفوا عدة ذوات الأقراء عرفهم في هذه السورة عدة التي لا ترى الدم.
قال أبو عثمان عمير بن سليمان : لما نزل عدة النّساء في سورة البقرة في المطلقة والمتوفى عنها زوجها ، قال أبيّ بن كعب : يا رسول الله ، إن ناسا يقولون : قد بقي من النساء من لم يذكر فيهن شيء ، الصغار والكبار وذوات الحمل ، فنزلت : (وَاللَّائِي يَئِسْنَ) الآية (٤).
وقال مقاتل : لما ذكر قوله تعالى : (وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ) قال
__________________
(١) ينظر : البحر المحيط ٨ / ٢٨٠ ، والدر المصون ٦ / ٣٣٠.
(٢) ينظر : المحرر الوجيز ٥ / ٣٢٥ ، والبحر المحيط ٨ / ٢٨٠ ، والدر المصون ٦ / ٣٣٠.
(٣) ينظر : القرطبي ١٨ / ١٠٧.
(٤) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ١٣٣) والحاكم (٢ / ٤٩٢ ـ ٤٩٣) من حديث أبي بن كعب.
وقال الحاكم : صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.
وذكره الحافظ ابن حجر في المطالب العالية (٣ / ٣٨٩) وعزاه لإسحاق بن راهويه.
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٣٥٧) وزاد نسبته إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه.