يعني : الصغيرة ، فعدتهن ثلاثة ، فأضمر الخبر ، وإنما كانت عدتها الأشهر لعدم الأقراء في حقّها عادة ، والأحكام إنما أجراها الله تعالى على العادات ، فتعتد بالأشهر ، فإن رأت الدّم في زمن احتماله عند النّساء انتقلت إلى الدّم لوجود الأصل ، فإذا وجد الأصل لم يبق للبدل حكم ، كما أن المسنّة إذا اعتدت بالدم ، ثم ارتفع عادت إلى الأشهر ، وهذا إجماع.
فصل
قوله : (وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَ) وضع الحمل ، وإن كان ظاهرا في المطلقة ؛ لأنه عليها عطف وإليها رجع عقب الكلام ، فإنه في المتوفى عنها زوجها كذلك ، لعموم الآية ، وحديث سبيعة ، كما مضى في سورة «البقرة».
فإذا وضعت المرأة ما في بطنها من علقة أو مضغة حلت عند مالك.
وقال الشافعي وأبو حنيفة (١) : لا تحل إلا بوضع ما يتبين فيه شيء من خلق الإنسان ، فإن كانت حاملا بتوءمين لم تنقض عدتها حتى تضع الثاني منهما.
قوله : (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً).
أي : من يتقه في طلاق السنة (يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً) في الرجعة.
وقال مقاتل : ومن يتق الله في اجتناب معاصيه يجعل له من أمره يسرا في توفيقه للطاعة(٢).
(ذلِكَ أَمْرُ اللهِ) أي : الذي ذكر من الأحكام أمر الله أنزله إليكم وبيّنه لكم ، (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ) أي : يعمل بطاعته (يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً) أي : في الآخرة.
قوله : (وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً).
هذه قراءة العامة مضارع «أعظم».
وابن مقسم (٣) : «يعظم» بالتشديد ، مضارع عظم مشددا.
والأعمش (٤) : «نعظم» بالنون ، مضارع «أعظم» وهو التفات من غيبة إلى تكلم.
قوله تعالى : (أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلا تُضآرُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرى)(٦)
قوله : (أَسْكِنُوهُنَ).
__________________
(١) زاد في أ : وأحمد.
(٢) ذكره القرطبي في «تفسيره» (١٨ / ١٠٩).
(٣) ينظر : البحر المحيط ٨ / ٢٨٠ ، والدر المصون ٦ / ٣٣٠.
(٤) ينظر : المحرر الوجيز ٥ / ٣٢٦ ، والبحر المحيط ٨ / ٢٨٠ ، والدر المصون ٦ / ٣٣٠ ، والتخريجات النحوية ٢٥٢.