وقال الضحاك : إن أبت الأم أن ترضع استأجر لولده أخرى ، فإن لم يقبل أجبرت أمه على الرضاع بالأجرة.
واختلفوا فيمن يجب عليه رضاع الولد.
فقال مالك : إرضاع الولد على الزوجة ما دامت الزوجية ، إلا لشرفها وموضعها ، فعلى الأب رضاعه يومئذ في ماله.
وقال أبو حنيفة : لا يجب على الأم بحال.
وقيل : يجب عليها بكل حال.
فإن طلقها فلا يجب عليها إرضاعه إلا أن لا يقبل ثدي غيرها فيلزمها حينئذ الإرضاع ، فإن اختلفا في الأجرة ، فإن دعت إلى أجرة المثل وامتنع الأب إلا تبرعا فالأم أولى بأجر المثل إذا لم يجد الأب متبرعة ، وإن دعا الأب إلى أجر المثل ، وامتنعت الأم لتطلب شططا ، فالأب أولى به ، فإن أعسر الأب بأجرتها أجبرت على رضاع ولدها.
قوله تعالى : (لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتاهُ اللهُ لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلاَّ ما آتاها سَيَجْعَلُ اللهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً)(٧)
قوله : (لِيُنْفِقْ).
هذه قراءة العامة : أعني كسر اللام ، وجزم المضارع بها.
وحكى أبو معاذ (١) القارىء : «لينفق» بنصب الفعل على أنها لام «كي» نصب الفعل بعدها بإضمار «أن» ويتعلق الحرف حينئذ بمحذوف ، أي : شرعنا ذلك لينفق.
وقرأ العامة : «قدر» مخففا.
وابن أبي عبلة (٢) : «قدّر» مشددا.
فصل في وجوب النفقة للولد على الوالد
قال القرطبي (٣) : هذه الآية أصل وجوب النفقة للولد على الوالد دون الأم ، خلافا لمحمد بن الموّاز إذ يقول : إنها على الأبوين على قدر الميراث.
قال ابن العربيّ (٤) : ولعل محمدا أراد أنها على الأم عند عدم الأب ، وفي البخاري عن النبيصلىاللهعليهوسلم : «تقول لك المرأة : أنفق عليّ وإلّا طلّقني ، ويقول لك العبد : أنفق علي واستعملني ، ويقول لك ابنك : أنفق عليّ إلى من تكلني؟» (٥) ،
__________________
(١) ينظر : البحر المحيط ٨ / ٢٨١ ، والدر المصون ٦ / ٣٣١.
(٢) ينظر : الكشاف ٤ / ٥٦٠.
(٣) ينظر : الجامع لأحكام القرآن ١٨ / ١١٣.
(٤) ينظر : أحكام القرآن له ٤ / ١٨٤٣.
(٥) أخرجه البخاري (٩ / ٤١٠) كتاب النفقات ، باب : وجوب النفقة على الأهل والعيال حديث (٥٣٥٥) من حديث أبي هريرة.