وفاعل «يخرج» إما ضمير الباري ـ تعالى ـ المنزل ، أو ضمير الرسول ، أو الذكر.
والمراد بالذين آمنوا من سبق له ذلك في علم الله.
وقوله : (مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ). أي : من الكفر إلى الهدى والإيمان.
قال ابن عباس : نزلت في مؤمني أهل الكتاب ، وأضاف الإخراج إلى الرسول ؛ لأن الإيمان إنما حصل بطاعته (١).
قوله : (وَمَنْ يُؤْمِنْ). هذا أحد المواضع التي روعي فيها اللفظ أولا ثم المعنى ثانيا ، ثم اللفظ آخرا.
قوله : (يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ) قرأ نافع وابن عامر (٢) : بالنون ، والباقون : بالياء.
وقوله : «خالدين». قال بعضهم : ليس قوله «خالدين» فيه ضمير عائد على «من» إنما يعود على مفعول «يدخله» و «خالدين» حال منه والعامل فيها «يدخله» لا فعل الشّرط. هذه عبارة أبي حيّان (٣).
وفيها نظر ، لأن «خالدين» حال من مفعول «يدخله» عند القائلين بالقول الأول ، وكان إصلاح العبارة أن يقال : حال من مفعول «يدخله» الثاني وهو «جنّات». والخلود في الحقيقة لأصحابها ، وكان ينبغي على رأي البصريين أن يقال : «خالدين هم فيها» لجريان الوصف على غير من هو له.
قوله : (قَدْ أَحْسَنَ اللهُ). حال ثانية ، أو حال من الضمير في «خالدين» ، فتكون متداخلة. ومعنى قوله : (قَدْ أَحْسَنَ اللهُ لَهُ رِزْقاً) ، أي : وسّع له في الجنّات.
قوله تعالى : (اللهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللهَ قَدْ أَحاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً)(١٢)
قوله : (اللهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَ).
يدلّ على كمال قدرته وأنه يقدر على البعث والمحاسبة ، ولا خلاف في أن السماوات سبع بعضها فوق بعض بدليل حديث الإسراء وغيره ، وقوله : (وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَ) يعني سبعا ، واختلف فيهن.
فقال الجمهور : إنها سبع أرضين مطبقا بعضها فوق بعض بين كل أرض وأرض مسافة كما بين السماء والأرض وفي كلّ مكان من خلق الله.
__________________
(١) ذكره القرطبي في «تفسيره» (١٨ / ١١٤).
(٢) ينظر : إعراب القراءات ٢ / ٣٧٣ ، والعنوان ١٩٢ ، وحجة القراءات ٧١٢.
(٣) ينظر : البحر المحيط ٨ / ٢٨٣.