فصل في هل التحريم يمين؟
قوله تعالى : (لِمَ تُحَرِّمُ) إن كان النبي صلىاللهعليهوسلم حرم ولم يحلف ، فليس ذلك بيمين ، ولا يحرم قول الرجل : «هذا عليّ حرام» شيئا ، حاشا الزوجة.
وقال أبو حنيفة : إذا أطلق حمل على المأكول والمشروب ، دون الملبوس ، وكانت يمينا توجب الكفارة.
وقال زفر : هو يمين في الكل ، حتى في الحركة والسكون ، واستدل المخالف بأن النبيصلىاللهعليهوسلم حرّم العسل ، فلزمته الكفّارة ، وقد قال تعالى : (قَدْ فَرَضَ اللهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ) فسماه يمينا.
قال القرطبي (١) : ودليلنا قول الله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا) [المائدة : ٨٧]. وقوله تعالى : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ ما أَنْزَلَ اللهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَراماً وَحَلالاً قُلْ آللهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللهِ تَفْتَرُونَ) [يونس : ٥٩].
فذم الله المحرّم للحلال ، ولم يوجب عليه كفارة.
قال الزجاج (٢) : ليس لأحد أن يحرم ما أحلّ الله ، ولم يجعل لنبيه صلىاللهعليهوسلم أن يحرم إلا ما حرم الله عليه.
فمن قال لزوجته أو أمته : أنت عليّ حرام ، فإن لم ينو طلاقا ، ولا ظهارا فهذا اللفظ يوجب عليه كفارة يمين ، ولو خاطب بهذا اللفظ جمعا من الزوجات والإماء ، فعليه كفارة واحدة.
ولو حرم على نفسه طعاما ، أو شيئا آخر لم يلزمه بذلك كفارة عند الشافعي ومالك ، ويجب بذلك كفارة عند ابن مسعود والثوري وأبي حنيفة.
فصل في اختلافهم هل التحريم طلاق؟
إذا قال الرّجل لزوجته : «أنت عليّ حرام».
قال القرطبيّ (٣) : «فيه ثمانية عشر قولا :
أحدها : لا شيء عليه ، وبه قال الشعبي ، ومسروق ، وربيعة ، وأبو سلمة ، وأصبغ ، وهو عندهم كتحريم الماء ، والطعام ، قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ) [المائدة : ٨٧]. والزوجة من الطّيّبات ، ومما أحل الله.
وقوله تعالى : (وَلا تَقُولُوا لِما تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هذا حَلالٌ وَهذا حَرامٌ) [النحل : ١١٦].
__________________
(١) الجامع لأحكام القرآن ١٨ / ١١٩.
(٢) ينظر : معاني القرآن وإعرابه ٥ / ١٩٢.
(٣) ينظر : الجامع لأحكام القرآن ١٨ / ١١٩.