مصدر «حلّل» مضعفا ، نحو «تكرمة» ، وهذان ليسا [مقيسين](١) ، فإن قياس مصدر «فعّل» «التفعيل» إذا كان صحيحا غير مهموز.
فأما المعتل اللام نحو «زكّى» ومهموزها نحو : «نبّأ» فمصدرهما «تفعلة» نحو : «تزكية ، وتنبئة».
على أنه قد جاء «التفعيل» كاملا في المعتل ، نحو : [الرجز]
٤٧٨٤ ـ باتت تنزّي دلوها تنزيّا (٢)
وأصلها : «تحللة» ك «تكرمة» فأدغمت ، وانتصابها على المفعول به.
فصل في تكفير النبي عن هذه اليمين
قيل : إن النبي صلىاللهعليهوسلم كفر عن يمينه.
وقال الحسن : لم يكفر ، لأن النبي صلىاللهعليهوسلم قد غفر له ما تقدم من ذنبه ، وما تأخر (٣).
وكفارة اليمين في هذه السورة إنما أمر بها الأمة ، والأول أصح ، وأن المراد بذلك النبي صلىاللهعليهوسلم ، ثم إن الأمة تقتدي به في ذلك ، وقد تقدم عن زيد بن أسلم أنه ـ عليه الصلاة والسلام ـ كفر بعتق رقبة.
وعن مقاتل : أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أعتق رقبة في تحريم مارية (٤). والله أعلم.
فصل في الاستثناء في اليمين
قيل : قد فرض الله لكم تحليل ملك اليمين ، فبين في قوله تعالى : (ما كانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيما فَرَضَ اللهُ) [الأحزاب : ٣٨] ، أي : فيما شرعه له في النساء المحللات ، أي : حلل لكم ملك اليمين ، فلم تحرم مارية في نفسك مع تحليل الله إياها لك.
وقيل : تحلة اليمين الاستثناء ، أي : فرض الله لكم الاستثناء المخرج عن اليمين ، ثم عند قوم يجوز الاستثناء من الأيمان متى شاء ، وإن تخلّل مدّة.
وعند الجمهور لا يجوز إلا متصلا ، فكأنه قال : «استثن بعد هذا فيما تحلف عليه» وتحلة اليمين تحليلها بالكفارة.
قال القرطبيّ (٥) : «والأصل «تحللة» ، فأدغمت ، و «تفعلة» من مصادر «فعّل» كالتوصية والتسمية ، فالتحلة تحليل اليمين ، فكأن اليمين عقد ، والكفارة حلّ وقيل : التحلة الكفارة ، أي : أنها تحلّ للحالف ما حرّم على نفسه ، أي إذا كفر صار كمن لم يحلف».
__________________
(١) في أ : تفسير.
(٢) تقدم.
(٣) ذكره القرطبي في «تفسيره» ١٨ / ١٢٢.
(٤) ينظر المصدر السابق.
(٥) ينظر : الجامع لأحكام القرآن ١٨ / ١٢٢.