فصل
قال ابن الخطيب (١) : وتحلة القسم على وجهين :
أحدهما : تحليله بالكفارة كما في هذه الآية.
وثانيهما : أن يستعمل بمعنى الشيء القليل وهذا هو الأكثر ، كما روي من قوله ـ عليه الصلاة والسلام ـ : «لن تلج النّار إلا تحلّة القسم» (٢) أي : زمانا يسيرا.
وقرىء : «كفّارة أيمانكم» (٣).
قوله : (وَاللهُ مَوْلاكُمْ).
أي : وليّكم وناصركم في إزالة الحظر ، فيما تحرمونه على أنفسكم ، وبالترخيص لكم في تحليل أيمانكم بالكفّارة ، وبالثواب على ما تخرجونه في الكفارة (وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ).
قوله تعالى : (وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلى بَعْضِ أَزْواجِهِ حَدِيثاً فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَها بِهِ قالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هذا قالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ (٣) إِنْ تَتُوبا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما وَإِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ (٤) عَسى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْواجاً خَيْراً مِنْكُنَّ مُسْلِماتٍ مُؤْمِناتٍ قانِتاتٍ تائِباتٍ عابِداتٍ سائِحاتٍ ثَيِّباتٍ وَأَبْكاراً)(٥)
قوله : (وَإِذْ أَسَرَّ).
العامل فيه «اذكر» فهو مفعول به لا ظرف.
والمعنى : اذكر إذ أسر النبي إلى بعض أزواجه ، يعني حفصة «حديثا» يعني تحريم مارية على نفسه واستكتامه إياها ذلك.
وقال الكلبيّ : أسرّ إليها أن أباك وأبا عائشة يكونان [خليفتين](٤) من بعدي على أمّتي(٥).
وقال ابن عباس : أسرّ أمر الخلافة بعده إلى حفصة ، فذكرته حفصة (٦).
__________________
(١) ينظر : الفخر الرازي ٣٠ / ٣٩.
(٢) أخرجه البخاري ٣ / ١٤٢ في الجنائز ومسلم ٤ / ٢٠٢٨ في البر والصلة ، باب : فضل من يموت له ولد فيحتسبه (١٥٠ / ٢٦٣٢).
(٣) ينظر الفخر الرازي ٣٠ / ٣٩.
(٤) في أ : خلفة.
(٥) تفسير القرطبي (١٨ / ١٢٢).
(٦) ينظر المصدر السابق.