قال ابن زيد رضي الله عنه مالت قلوبكما بأن سرهما أن يحتبس عن أم ولده ، فسرهما ما كره رسول الله صلىاللهعليهوسلم (١).
وقيل : فقد مالت قلوبكما إلى التوبة.
قوله : (وَإِنْ تَظاهَرا).
أصله : «تتظاهرا» فأدغم ، وهذه قراءة العامة.
وقرأ عكرمة (٢) : «تتظاهرا» على الأصل.
والحسن وأبو رجاء ، ونافع ، وعاصم (٣) في رواية عنهما : بتشديد الظّاء والهاء دون ألف ، وكلها بمعنى المعاونة من الظهر ؛ لأنه أقوى الأعضاء وأجلها.
فصل في معنى تتظاهرا
معنى تتظاهرا ، أي : تتعاونا على النبي صلىاللهعليهوسلم بالمعصية والإيذاء.
روى مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : مكثت سنة ، وأنا أريد أن أسأل عمر بن الخطاب عن آية ، فما أستطيع أن أسأله هيبة له حتى خرج حاجا فخرجت معه ، فلما رجع وكنا ببعض الطريق عدل إلى الأراك لحاجة له ، فوقفت ، حتى فرغ ثم سرت معه بإداوة ثم جاء فسكبت على يديه منها فتوضّأ ، فلما رجع قلت : يا أمير المؤمنين ، من اللّتان تظاهرتا على النبيصلىاللهعليهوسلم؟.
فقال : تلك حفصة وعائشة ، قال : فقلت له : والله إن كنت لأريد أن أسألك عن هذا منذ سنة ، فما أستطيع هيبة لك ، قال : فلا تفعل ، ما ظننت أن عندي من علم فسلني عنه فإن كنت أعلمه أخبرتك (٤). وذكر الحديث.
قوله : (فَإِنَّ اللهَ هُوَ مَوْلاهُ).
يجوز أن يكون «هو» فصلا ، و «مولاه» خبره والمبتدأ جملة «إنّ».
والمعنى : الله وليّه وناصره ، فلا يضره ذلك التّظاهر منهما.
قوله : (وَجِبْرِيلُ).
يجوز أن يكون عطفا على اسم الله تعالى.
والمعنى : الله وليه ، وجبريل وليه ، فلا يوقف على «مولاه» ويوقف على جبريل.
ويكون (وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ) مبتدأ ، «والملائكة» معطوفا عليه ، والخبر «ظهير» ورفع
__________________
(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ١٥٢).
(٢) ينظر : المحرر الوجيز ٥ / ٣٣١ ، والبحر المحيط ٢٨٦ ، والدر المصون ٦ / ٣٣٥.
(٣) ينظر : السابق.
(٤) أخرجه البخاري (٨ / ٥٢٥ ـ ٥٢٦) كتاب التفسير ، باب : تبتغي مرضاة أزواجك رقم (٤٩١٣) ومسلم (٢ / ٥. ١١) عن ابن عباس والحديث ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٣٧١) وزاد نسبته إلى عبد الرزاق وابن سعد وأحمد وعبد بن حميد وابن حبان وابن المنذر وابن مردويه.