قال القشيريّ : وهذا إجماع من المفسرين إنما كانت خيانتهما في الدين ، وكانتا مشركتين وقيل : كانتا منافقتين.
وقيل : خيانتهما النّميمة إذا أوحى الله إليهما شيئا أفشتاه إلى المشركين ، قاله الضحاك.
وقيل : كانت امرأة لوط إذا نزل به ضيف دخنت لتعلم قومها أنه قد نزل به ضيف لما كانوا عليه من إتيان الرجال.
قوله : (فَلَمْ يُغْنِيا).
العامة : بالياء من تحت ، أي : لم يغن نوح ولوط عن امرأتيهما شيئا من الإغناء من عذاب الله.
وقرأ مبشر (١) بن عبيد : تغنيا ـ بالتاء من فوق ـ ، أي : فلم تغن المرأتان عن أنفسهما.
وفيها إشكال إذ يلزم من ذلك تعدي فعل المضمر المتصل إلى ضميره المتصل في غير المواضع المستثناة.
وجوابه : أن «عن» هنا اسم كهي في قوله : [الكامل]
٤٧٩٠ ـ دع عنك نهبا صيح في حجراته |
|
........... (٢) |
وقد تقدم هذا والاعتراض عليه بقوله : (وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ) [مريم : ٢٥] (وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ) [القصص : ٣٢] ، والجواب هناك.
فصل في معنى الآية
معنى الآية : لم يدفع نوح ، ولوط مع كرامتهما على الله تعالى عن زوجتيهما لما عصيا شيئا من عذاب الله تنبيها بذلك على أنّ العذاب يدفع بالطّاعة ، لا بالوسيلة.
وقيل : إن كفار مكة استهزءوا وقالوا : إنّ محمدا يشفع لنا ، فبين تعالى أن الشفاعة لا تنفع كفار «مكة» ، وإن كانوا أقرباء كما لا ينفع شفاعة نوح امرأته ، وشفاعة لوط لامرأته مع قربهما له لكفرهما.
(وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ) في الآخرة كما يقال لكفار مكة وغيرهم. قطع الله
__________________
ـ وأخرجه الطبري (١٢ / ١٦١) عن الضحاك.
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٣٧٧) عن أشرس الخراساني مرفوعا وعزاه إلى ابن عساكر.
(١) ينظر : المحرر الوجيز ٥ / ٣٣٥ ، والبحر المحيط ٨ / ٢٨٩ ، والدر المصون ٦ / ٣٣٨.
(٢) تقدم.