(وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ) وهم عتاة أهل «مكة» ، (وَظاهَرُوا) أي : عاونوا (عَلى إِخْراجِكُمْ) ، وهم مشركو مكة (أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ) أي : يتخذهم أولياء وأنصارا وأحبابا (فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)(١).
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُمْ ما أَنْفَقُوا وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ وَسْئَلُوا ما أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْئَلُوا ما أَنْفَقُوا ذلِكُمْ حُكْمُ اللهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (١٠) وَإِنْ فاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْواجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعاقَبْتُمْ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْواجُهُمْ مِثْلَ ما أَنْفَقُوا وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ)(١١)
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ) الآية لما أمر المسلمين بترك موالاة [المشركين](٢) اقتضى ذلك مهاجرة المسلمين من بلاد الشرك إلى بلاد الإسلام ، وكان التناكح من أوكد أسباب الموالاة ، فبين أحكام مهاجرة النساء (٣).
قال ابن عباس رضي الله عنهما : جرى الصّلح مع مشركي قريش عام الحديبية على أن من أتاه من أهل «مكة» رده إليهم ، فجاءت سبيعة بنت الحارث الأسلمية بعد الفراغ من الكتاب ، والنبي صلىاللهعليهوسلم بالحديبية بعد ، فأقبل زوجها ـ وكان كافرا ـ وهو صيفي بن راهب. وقيل : مسافر المخزومي ، فقال : يا محمد ، اردد عليّ امرأتي فإنك شرطت ذلك ، وهذه طينة الكتاب لم تجف بعد ، فأنزل الله ـ تعالى ـ هذه الآية (٤).
وقيل : جاءت أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط ، فجاء أهلها يسألون رسول اللهصلىاللهعليهوسلم أن يردها.
وقيل : هربت من زوجها عمرو بن العاص ، ومعها أخواها عمارة والوليد ، فرد رسول الله إخوتها ، وحبسها فقالوا للنبيّ صلىاللهعليهوسلم ردها علينا للشرط ، فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : كان الشّرط في الرجال لا في النساء ، فأنزل الله ـ تعالى ـ هذه الآية (٥).
وعن عروة قال : كان مما اشترط سهيل بن عمرو على النبيّ صلىاللهعليهوسلم في الحديبية ألّا يأتيك منا أحد وإن كان على دينك إلا رددته إلينا ، وخليت بيننا وبينه فكره المؤمنون ذلك ، وأبى سهيل إلا ذلك ، فكاتبه النبي صلىاللهعليهوسلم على ذلك ، فردّ يومئذ أبا جندل إلى أبيه
__________________
(١) ينظر : القرطبي ١٨ / ٤٠.
(٢) في أ : الكفار.
(٣) ينظر : القرطبي ١٨ / ٤١.
(٤) ينظر المصدر السابق.
(٥) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٣٠٦) وعزاه إلى الطبراني وابن مردويه بسند ضعيف.