والمراد منه الكثرة ، فالمراد به الجنس ، فيكون في معنى كل كتاب أنزله الله تعالى.
وقرأ أبو رجاء (١) : «وكتبه» بسكون التاء ، وهو تخفيف حسن.
وروي عنه (٢) : «وكتبه» بفتح الكاف.
قال أبو الفضل : مصدر وضع موضع الاسم ، يعني ومكتوبه.
فصل في المراد بالكتب
أراد الكتب التي أنزلت على إبراهيم ، وموسى ، وداود ، وعيسى.
وقوله : (وَكانَتْ مِنَ الْقانِتِينَ).
يجوز في «من» وجهان :
أحدهما : أنها لابتداء الغاية.
والثاني : أنها للتبعيض ، وقد ذكرهما الزمخشريّ ، فقال (٣) : و «من» للتبعيض ، ويجوز أن تكون لابتداء الغاية ، على أنها ولدت من القانتين ؛ لأنها من أعقاب هارون أخي موسى صلوات الله على نبيّنا وعليهما وعلى سائر الأنبياء وآلهم.
قال الزمخشري (٤) : فإن قلت : لم قيل : (مِنَ الْقانِتِينَ) على التذكير؟.
قلت : القنوت صفة تشمل من قنت من القبيلين فغلب ذكوره على إناثه.
ويجوز أن يرجع إلى أهل بيتها ، فإنهم كانوا مطيعين لله ، والقنوت : الطاعة.
وقال عطاء : من المصلّين بين المغرب والعشاء (٥).
وعن معاذ بن جبل : «أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال لخديجة وهي تجود بنفسها : أتكرهين ما قد نزل بك ، وقد جعل الله في الكره (٦) خيرا ، فإذا قدمت على ضراتك فأقرئيهنّ منّي السّلام مريم بنت عمران ، وآسية بنت مزاحم وكليمة ـ أو قال : حليمة ـ بنت عمران أخت موسى بن عمران ، فقالت : بالرفاء والبنين يا رسول الله» (٧).
[قال ابن الأثير (٨) : الرفاء والبنين : الالتئام والاتفاق والبركة والنّماء ، وهو مهموز.
وذكره الهروي في «المعتلّ» قال : «وهو على معنيين :
أحدهما : الاتفاق وحسن الاجتماع ، والآخر : من الهدوء والسكون ، وأما المهموز
__________________
(١) ينظر : المحرر الوجيز ٥ / ٣٣٦ ، والبحر المحيط ٨ / ٢٩٠ ، والدر المصون ٦ / ٣٣٩.
(٢) ينظر السابق.
(٣) ينظر : الكشاف ٤ / ٥٧٣.
(٤) السابق.
(٥) ينظر تفسير القرطبي (١٨ / ١٣٢.
(٦) في أ : ذلك.
(٧) ينظر تفسير القرطبي (١٨ / ١٣٣.
(٨) ينظر النهاية ٢ / ٢٤٠.