فصل في السموات السّبع
روى البغويّ (١) عن كعب ـ رضي الله عنه ـ أنه قال : السماء الدنيا موج مكفوف ، والثانية : مرمرة بيضاء ، والثالثة : حديد ، والرابعة : صفر ، وقال : نحاس ، والخامسة : فضّة ، والسادسة : ذهب ، والسّابعة : ياقوتة حمراء ، وبين السماء السّابعة إلى الحجب السبعة صحارى من نور (٢).
قوله (فَارْجِعِ الْبَصَرَ). مسبب عن قوله (ما تَرى).
و «كرتين» نصب على المصدر كمرتين ، وهو مثنّى لا يراد به حقيقته ، بل التكثير بدليل قوله : (يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ) أي : مزدجرا وهو كليل ، وهذان الوصفان لا يأتيان بنظرتين ، ولا ثلاث ، وإنما المعنى كرات ، وهذا كقولهم : «لبّيك وسعديك وحنانيك ، ودواليك ، وهذاذيك» لا يريدون بهذه التثنية تشفيع الواحد ، إنما يريدون التكثير أي : إجابة لك بعد أخرى. وإلا تناقض الغرض ، والتثنية تفيد التكثير لقرينة كما يفيده أصلها وهو العطف لقرينة ؛ كقوله : [البسيط]
٤٧٩١ ـ لو عدّ قبر وقبر كان أكرمهم |
|
........... (٣) |
أي : قبور كثيرة ليتم المدح.
وقال ابن عطية (٤) : «كرّتين» معناه : مرتين ، ونصبها على المصدر.
وقيل : الأولى ليرى حسنها ، واستواءها ، والثانية لينظر كواكبها في سيرها ، وانتهائها وهذا بظاهره يفهم التثنية فقط.
قوله : (هَلْ تَرى مِنْ فُطُورٍ).
هذه الجملة يجوز أن تكون متعلقة لفعل محذوف يدلّ عليه (فَارْجِعِ الْبَصَرَ) مضمنا معنى «انظر» ؛ لأنه بمعناه ، فيكون هو المعلق.
وأدغم أبو عمرو (٥) : لام «هل» في التاء هنا وفي «الحاقّة» (٦) ، وأظهرهما الباقون ، وهو المشهور في اللغة.
والفطور : جمع فطر ، وهو الشّقّ ، يقال : فطره فانفطر ، ومنه : فطر ناب البعير ، كما يقال : شقّ ، ومعناه : شق اللحم وطلع.
قال المفسرون (٧) : «الفطور» الصّدوع والشّقوق ؛ قال الشاعر : [الوافر]
__________________
(١) ينظر : معالم التنزيل ٤ / ٣٧٠.
(٢) ينظر المصدر السابق.
(٣) تقدم.
(٤) ينظر : المحرر الوجيز ٥ / ٣٣٨.
(٥) ينظر : إتحاف فضلاء البشر ٢ / ٥٥٠ ، غير أنه زاد فيمن أدغموا : «حمزة ، والكسائي ، وهشام».
(٦) آية (٨).
(٧) ينظر : القرطبي ١٨ / ١٣٦ ، ١٣٧.