شَهِيقاً وَهِيَ تَفُورُ (٧) تَكادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّما أُلْقِيَ فِيها فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُها أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ (٨) قالُوا بَلى قَدْ جاءَنا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنا وَقُلْنا ما نَزَّلَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ (٩) وَقالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ ما كُنَّا فِي أَصْحابِ السَّعِيرِ (١٠) فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقاً لِأَصْحابِ السَّعِيرِ)(١١)
قوله تعالى : (وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ) ، أي : السماء القربى ؛ لأنها أقرب السماوات إلى النّاس ، والمعنى : السّماء الدّنيا من النّاس أي : الدنيا منكم لأنها «فعلى» تأنيث «أفعل» التفضيل ، «بمصابيح» جمع مصباح وهو السّراج ، وسمى الكواكب مصابيح لإضاءتها وسماها زينة لأن الناس يزينون مساجدهم ودورهم بالمصابيح ، فكأنه قال : ولقد زيّنّا سقف الدار التي اجتمعتم فيها بمصابيح الأنوار (١).
قوله : (وَجَعَلْناها رُجُوماً لِلشَّياطِينِ).
الضمير في (وَجَعَلْناها) يجوز فيه وجهان :
أظهرهما : أنه يعود على «مصابيح».
قيل : وكيفية الرّجم أن توجد نار من ضوء الكواكب يرمي بها الشيطان ، والكوكب في مكانه لا يرجم به. قاله أبو علي جوابا لمن قال : كيف تكون زينة وهي رجوم لا تبقى؟.
قال المهدويّ : وهذا على أن يكون الاستراق من موضع الكوكب.
والثاني : أن الضمير يعود على السماء ، والمعنى : وجعلنا منها ؛ لأن ذات السماء ليست للرجوم.
قاله أبو حيان (٢). وفيه نظر لعدم عود الضمير على السّماء.
قال القرطبي (٣) : والمعنى جعلنا شهبا ، فحذف المضاف ، بدليل قوله (إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ ثاقِبٌ) [الصافات : ١٠] ، قال : وعلى هذا فالمصابيح لا تزول ولا يرجم بها.
قال المهدويّ : وهذا على أن يكون الاستراق دون موضع الكوكب.
قال القشيريّ : وأحسن (٤) من قول أبي علي أن نقول : هي زينة قبل أن ترجم بها الشياطين.
والرجوم : جمع رجم ، وهو مصدر في الأصل أطلق على المرجوم به كضرب الأمير.
__________________
(١) ينظر الفخر الرازي ٣٠ / ٥٣.
(٢) ينظر : البحر المحيط ٨ / ٢٩٣.
(٣) ينظر : الجامع لأحكام القرآن ١٨ / ١٣٨.
(٤) في ب : وأمثل.