ويجوز أن يكون باقيا على مصدريته ، ويقدر مضاف ، أي : ذات رجوم.
وجمع المصدر باعتبار أنواعه ، فعلى الأول يتعلق قوله : «للشّياطين» بمحذوف على أنه صفة ل «رجوما».
وعلى الثاني : لا تعلق له ؛ لأن اللام مزيدة في المفعول به ، وفيه دلالة حينئذ على إعمال المصدر منونا مجموعا.
ويجوز أن تكون صفة له أيضا كالأول ، فيتعلق بمحذوف.
وقيل : الرجوم هنا الظنون ، والشياطين : شياطين الإنس.
كما قال : [الطويل]
٤٧٩٦ ـ ........... |
|
وما هو عنها بالحديث المرجّم (١) |
فيكون المعنى : جعلناها ظنونا ورجوما بالغيب ، لشياطين الإنس ، وهم الأحكاميون من المنجمين.
فصل في خلق النجوم
قال قتادة : خلق الله النّجوم لثلاث : زينة السّماء ورجوما للشياطين ، وعلامات يهتدى بها في البرّ والبحر والأوقات ، فمن تأول فيها غير ذلك فقد تكلف ما لا علم له به ، وتعدى ، وظلم (٢).
وقال محمد بن كعب : والله ما لأحد من أهل الأرض في السماء نجم ، ولكنهم يتّخذون الكهانة ، ويتّخذون النّجوم علة (٣).
فصل
قال ابن الخطيب (٤) : ظاهر الآية لا يدلّ على أن هذه الكواكب مركوزة في السماء الدنيا ؛ لأن السماوات إذا كانت شفافة ، فالكواكب سواء كانت في السماء الدنيا ، أو في سماوات أخرى فوقها ، فهي ولا بد أن تظهر في السّماء الدنيا ، ولتلوح منها ، فعلى التقدير تكون السماء الدنيا متزينة ، واعلم أنّ أصحاب الهيئة اتفقوا على أن هذه الكواكب مركوزة في الفلك الثامن الذي فوق كرات السيارات ، واحتجوا أن بعض الثوابت في الفلك الثامن ، فيجب أن تكون كلها هناك.
وإنما قلنا : إن بعضها في الفلك الثامن ، لأن الكواكب القريبة من المنطقة تنكسف
__________________
(١) تقدم.
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ١٦٦) وذكره القرطبي في «تفسيره» (١٨ / ١٣٨).
(٣) ذكره القرطبي في «تفسيره» (١٨ / ١٣٨).
(٤) ينظر : الفخر الرازي ٣٠ / ٥٣.