وقيل : سمعوا من أنفسهم شهيقا ، كقوله تعالى : (لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ) [هود : ١٠٦].
قوله : «لها» متعلق بمحذوف على أنه حال من «شهيقا» لأنه في الأصل صفته ، ويجوز أن يكون على حذف مضاف ، أي : سمعوا لأهلها ، وهي تفور : جملة حالية.
فصل في معنى الشهيق والزفير
قال القرطبيّ (١) : «والشهيق في الصدر ، والزفير في الحلق ، وقد مضى في سورة «هود»».
وقوله : (وَهِيَ تَفُورُ). أي : تغلي ؛ ومنه قول حسّان : [الوافر]
٤٧٩٧ ـ تركتم قدركم لا شيء فيها |
|
وقدر القوم حامية تفور (٢) |
قال مجاهد : تفور كما يفور الحب القليل في الماء الكثير (٣).
وقال ابن عباس : تغلي بهم على المراجل ، وهذا من شدّة لهب النار من شدّة الغضب كما تقول : فلان يفور غيظا (٤).
قوله : (تَكادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ).
قرأ العامة : «تميّز» بتاء واحدة مخففة ، والأصل «تتميّز» بتاءين ، وهي قراءة (٥) طلحة.
والبزي عن ابن كثير : بتشديدها ، أدغم إحدى التاءين في الأخرى.
وهي قراءة حسنة لعدم التقاء الساكنين بخلاف قراءته (إِذْ تَلَقَّوْنَهُ) [النور : ١٥] ، و (ناراً تَلَظَّى) [الليل : ١٤] وبابه.
وأبو عمرو : يدغم الدّال في التاء على أصله في المتقاربين (٦).
وقرأ الضحاك (٧) : «تمايز» والأصل : «تتمايز» بتاءين ، فحذف إحداهما.
وزيد (٨) بن علي : «تميز» من «ماز».
__________________
(١) ينظر : الجامع لأحكام القرآن ١٨ / ١٣٨.
(٢) ينظر القرطبي ١٨ / ١٣٨ ، وشرح ديوان حسان بن ثابت ص ٢٤٩.
(٣) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ١٦٧) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٣٨٣) وعزاه إلى هناد وعبد بن حميد.
(٤) ذكره القرطبي في «تفسيره» (١٨ / ١٣٨).
(٥) ينظر : المحرر الوجيز ٥ / ٣٣٩ ، والبحر المحيط ٨ / ٢٩٤ ، والدر المصون ٦ / ٣٤٢.
(٦) ينظر : كتاب الإدغام الكبير ١٢٠.
(٧) ينظر : القراءة السابقة.
(٨) وهي قراءة ابن أبي عبلة كما في : البحر المحيط ٨ / ٢٩٤ ، وينظر : الدر المصون ٦ / ٣٤٢.