ولا رغبة من أرض إلى أرض ، ولا التماس دنيا ، ولا عشقا لرجل من المسلمين ، ولا لحدث أحدثته ، وما خرجت إلا رغبة في الإسلام ، وحب الله ورسوله ، فإذا حلفت بالله الذي لا إله إلا هو على ذلك أعطى النبي صلىاللهعليهوسلم زوجها مهرها ، وما أنفق عليها ، ولم يردها ، فذلك قوله تعالى : (فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَ)(١).
وروي عن ابن عباس أيضا : أن المحنة كانت أن تشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله (٢).
وروى معمر عن الزهري عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت : ما كان رسول اللهصلىاللهعليهوسلم يمتحنهن إلا بالآية التي قال الله تعالى : (إِذا جاءَكَ الْمُؤْمِناتُ يُبايِعْنَكَ عَلى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللهِ شَيْئاً)(٣).
خرجه الترمذي. وقال حديث حسن صحيح.
فصل
قال أكثر العلماء على أن هذا ناسخ لما كان عليه الصلاة والسلام عاهد عليه قريشا من أنه يرد عليهم من جاءه منهم مسلما ، فنسخ من ذلك النساء. وهذا مذهب من يرى نسخ السنة بالقرآن.
فصل
قال القرطبي (٤) : ولا يجوز أن يهادن الإمام العدو على أن يرد عليهم من جاءه مسلما ؛ لأن إقامة المسلم بأرض الشرك لا تجوز ، وهذا مذهب الكوفيين ، وأجاز مالك عقد الصلح على ذلك.
واحتج الكوفيون بأنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم بعث خالد بن الوليد إلى قوم خثعم ، فاعتصموا بالسجود فقتلهم ، فوداهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم [بنصف الدية](٥) وقال : «أنا بريء من كلّ مسلم
__________________
(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٦٤) والبزار كما في «مجمع الزوائد» (٧ / ١٢٦) والحارث بن أبي أسامة كما في «المطالب العالية» (٣ / ٣٨٧) رقم (٣٧٧٧) عن ابن عباس.
وقال الهيثمي (٧ / ١٢٦) رواه البزار وفيه قيس بن الربيع وثقه شعبة والثوري وضعفه غيرهما وبقية رجاله ثقات.
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٣١٠) وزاد نسبته إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه وقد حسن السيوطي سنده.
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٦٤) ومثله ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٣٠٨) وعزاه إلى ابن مردويه.
(٣) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٦٤) عن عائشة.
(٤) ينظر : القرطبي ١٨ / ٤٢.
(٥) سقط من أ.