وقرأ العامة : بضم وسكون.
والكسائي وآخرون (١) : بضمتين.
وهما لغتان ، والأحسن أن يكون المثقل أصلا للمخفف ، و «لأصحاب» بيان ك (هَيْتَ لَكَ) [يوسف : ٢٣] ، وسقيا لك.
وقال مكيّ (٢) : «والرفع يجوز في الكلام على الابتداء».
أي : لو قيل : «فسحق» جاز ، لا على أنه تلاوة ، بل من حيث الصناعة ، إلّا أن ابن عطية قال ما يضعفه ، فإنه قال (٣) : «فسحقا ، نصبا على جهة الدعاء عليهم ، وجاز ذلك فيه وهو من قبل الله ـ تعالى ـ من حيث إن هذا القول فيهم مستقر أزلا ، ووجوده لم يقع ولا يقع إلا في الآخرة ، فكأنه لذلك في حيز المتوقع الذي يدعى فيه كما تقول : سحقا لزيد ، وبعدا له ، والنصب في هذا كله بإضمار فعل ، فأما ما وقع وثبت ، فالوجه الرفع ، كما قال تعالى (وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ) [المطففين : ١] و (سَلامٌ عَلَيْكُمْ) [الأنعام : ٥٤] ، وغير هذا من الأمثلة» ، انتهى.
فضعف الرفع كما ترى ؛ لأنه لم يقع ، بل هو متوقع في الآخرة.
فصل
قال المفسّرون (٤) : (فَسُحْقاً لِأَصْحابِ السَّعِيرِ) ، أي : فبعدا لهم من رحمة الله.
وقال سعيد بن جبير ، وأبو صالح : هو واد في جهنّم يقال له : السحق (٥).
قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (١٢) وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (١٣) أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (١٤) هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَناكِبِها وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ (١٥) أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذا هِيَ تَمُورُ (١٦) أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حاصِباً فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ (١٧) وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ)(١٨)
قوله : (إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ) ، نظيره : (مَنْ خَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ) [ق : ٣٣] وقد
__________________
(١) ينظر : السبعة ٦٤٤ ، والحجة ٦ / ٣٠٧ ، وإعراب القراءات ٢ / ٣٧٩ وحجة القراءات ٧١٦ ، والعنوان ١٩٤ ، وشرح شعلة ٦٠٥ ، وإتحاف ٢ / ٥٥١.
(٢) ينظر : المشكل ٢ / ٧٤٥.
(٣) ينظر : المحرر الوجيز ٥ / ٣٤٠.
(٤) ينظر : القرطبي ١٨ / ١٣٩.
(٥) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ١٦٨) عن سعيد بن جبير وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٣٨٣) وعزاه إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم.