أقام مع مشرك بدار الحرب لا تراءى ناراهما». قالوا : فهذا ناسخ لرد المسلمين إلى المشركين ، إذ كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم قد برىء ممن أقام معهم في دار الحرب. ومذهب مالك والشافعيّ أن هذا الحكم غير منسوخ.
قال الشافعي : وليس لأحد هذا العقد إلا الخليفة أو [رجل](١) يأمره ، فمن عقد غير الخليفة هذا العقد فهو مردود (٢).
قوله : (اللهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِهِنَ).
هذه الجملة فائدتها بيان أنه لا سبيل لكم إلى ما تطمئن به النفس ويثلج الصدر من الإحاطة بحقيقة إيمانهن ، فإن ذلك مما استأثر الله به. قاله الزمخشري (٣).
أي (٤) : هذا الامتحان لكم ، والله أعلم بإيمانهن ، لأنه متولي السرائر ، وسمّى الظن الغالب في قوله : (عَلِمْتُمُوهُنَ) علما لما بينهما من القرب كما يقع الظّن موقعه ، وتقدم ذلك في البقرة (٥).
قوله : (فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ).
أي : بما يظهرن من الإيمان.
وقيل : أي : علمتموهن مؤمنات قبل الامتحان (٦)(فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ) وقوله : (وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَ) تأكيد للأول لتلازمهما.
وقيل : أراد استمرار الحكم بينهم فيما يستقبل كما هو في الحال ما داموا مشركين وهن مؤمنات (٧).
فصل في معنى الآية
معنى الآية (٨) : لم يحل الله مؤمنة لكافر ، وهذا أول دليل على أنّ الذي أوجب فرقة المسلمة من زوجها الكافر إسلامها لا هجرتها.
وقال أبو حنيفة : الذي فرق بينهما هو اختلاف الدّارين.
والصحيح الأول ؛ لأن الله ـ تعالى ـ بين العلّة ، وهو عدم الحل بالإسلام لا باختلاف الدار.
قوله : (وَآتُوهُمْ ما أَنْفَقُوا).
__________________
(١) في أ : أحد.
(٢) زاد في أ : عليه.
(٣) ينظر : الكشاف ٤ / ٥١٧ ، والدر المصون ٦ / ٣٠٦.
(٤) في أ : أن.
(٥) آية رقم (٤٦).
(٦) ينظر : القرطبي ١٨ / ٤٢.
(٧) ينظر : الدر المصون ٦ / ٣٠٦.
(٨) ينظر : القرطبي ١٨ / ٤٣.