الضمير في «يقبضن» قاله أبو البقاء (١). والأول أظهر.
وقرأ الزهريّ (٢) : بتشديد السّين.
فصل في معنى : يقبضن
قوله : «ويقبضن». أي : يضربن بها لجنوبهن.
قال أبو جعفر النحاس : يقال للطائر إذا بسط جناحيه : صاف ، وإذا ضمها فأصاب جنبه قابض ، لأنه يقبضهما.
قال أبو خراش الشاعر : [الطويل]
٤٨٠٣ ـ يبادر جنح اللّيل فهو موائل |
|
يحثّ الجناح بالتّبسّط والقبض |
وقيل : ويقبضن أجنحتهن بعد بسطها إذا وقفن من الطيران.
وقوله (ما يُمْسِكُهُنَّ) أي : ما يمسك الطير في الجو وهي تطير إلا الله عزوجل (إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ).
قال ابن الخطيب (٣) : وفيه وجهان :
الأول : المراد من «البصير» كونه عالما بالأشياء الدقيقة ، كما يقال : فلان له بصر في هذا الأمر ، أي : حذق.
والثاني : أن يجري اللفظ على ظاهره ، فتقول : (إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ) فيكون رائيا لنفسه ، ولجميع الموجودات وهذا الذي يقوله أصحابنا : إنه تعالى شيء يصح أن يكون مرئيا ، وأن كل الموجودات كذلك ، فإن قيل : البصير إذا عدي بالباء يكون بمعنى العالم ، يقال : فلان بصير بكذا إذا كان عالما قلنا : لا نسلم ، فإنه يقال : إن الله سميع بالمسموعات بصير بالمبصرات.
فصل
في قوله تعالى (ما يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمنُ) دليل على أن الأفعال الاختيارية للعبد مخلوقة لله تعالى (٤) ، لأن استمساك الطير في الهواء فعل اختياري له ، وقد نسبه للرحمن.
قوله : (أَمَّنْ هذَا الَّذِي).
قرأ العامة : بتشديد الميم على إدغام ميم «أم» في ميم «من» و «أم» بمعنى «بل» لأن بعدها
اسم استفهام ، وهو مبتدأ ، خبره اسم الإشارة.
__________________
(١) ينظر : الإملاء ٢ / ٢٦٦.
(٢) ينظر : البحر المحيط ٨ / ٢٩٧ ، والدر المصون ٦ / ٣٤٦.
(٣) ينظر : الفخر الرازي ٣٠ / ٦٣.
(٤) ينظر السابق.