أمر الله ـ تعالى ـ إذا أمسكت المرأة المسلمة أن يردّ على زوجها ما أنفق ، وذلك من الوفاء بالعهد ؛ لأنه لما منع من أهله بحرمة الإسلام أمر برد المال حتى لا يقع عليهم خسران من الوجهين : الزوجة والمال (١).
فصل في استحقاق الغرم بالمنع (٢)
ولا غرم إلا إذا طالب الزوج الكافر ، فإذا حضر وطالب منعناها وغرمنا ، فإن كانت ماتت قبل حضور الزوج لم نغرم المهر إذ لم يتحقق المنع ، وإن كان المسمى خمرا وخنزيرا لم نغرم شيئا ؛ لأنه لا قيمة له.
وللشافعي في هذه الآية قولان :
أحدهما : أن هذا منسوخ.
قال الشافعي : وإذا جاءتنا المرأة الحرة من أهل الهدنة مسلمة مهاجرة من الحرب إلى الإمام في دار الإسلام أو دار الحرب ، فمن طلبها من ولي سوى زوجها منع منها بلا عوض ، وإذا طلبها زوجها لنفسه أو غيره بوكالة ، ففيه [قولان](٣) :
أحدهما : أن يعطى [زوجها](٤) العوض لهذه الآية.
والثاني : لا يعطى الزوج المشرك الذي جاءت امرأته مسلمة العوض ، فإن شرط الإمام ردّ النساء كان الشرط باطلا منسوخا ، وليس عليه عوض ، لأنه لا عوض للباطل.
فصل
أمر الله تعالى برد مثل ما أنفقوا إلى الأزواج ، وأن المخاطب بهذا الإمام ، ينفذ من بيت المال الذي لا يتعين له مصرف (٥).
وقال مقاتل : يرد المهر الذي يتزوجها من المسلمين ، وليس لزوجها الكافر شيء (٦).
وقال قتادة : الحكم في رد الصداق إنما هو في نساء أهل العهد فأما [من] لا عهد بينه وبين المسلمين ، فلا يردّ عليهم الصداق (٧).
قال القرطبي (٨) : «والأمر كما قال».
قوله : (وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَ). أي : في أن تنكحوهن (٩).
__________________
(١) ينظر السابق.
(٢) السابق.
(٣) في أ : وجهان.
(٤) سقط في ب.
(٥) ينظر : القرطبي ١٨ / ٤٣.
(٦) ذكره القرطبي في «تفسيره» (١٨ / ٤٣).
(٧) ينظر المصدر السابق.
(٨) ينظر القرطبي ١٨ / ٤٣.
(٩) ينظر : الدر المصون ٦ / ٣٠٦.