وقوله : (إِذا آتَيْتُمُوهُنَ).
يجوز أن يكون ظرفا محضا ، وأن يكون شرطا ، جوابه مقدّر ، أي : فلا جناح عليكم (١).
فصل
ومعنى الآية : (وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَ) أي : مهورهن ، فأباح الله نكاحهن للمسلمين ؛ وإن كان لهن أزواج في دار الكفر ؛ لأن الإسلام فرق بينهن وبين أزواجهن الكفّار.
قال القرطبي (٢) : أباح نكاحهنّ إذا أسلمن ، وانقضت عدتهن لما ثبت في تحريم نكاح المشركة المعتدة ، فإن أسلمت قبل الدخول ثبت النكاح في الحال.
قوله : (وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ).
قرأ أبو عمرو في آخرين (٣) بضم التاء وفتح الميم وتشديد السين ، وباقي السبعة ـ بتخفيفها ـ من «مسك ، وأمسك» بمعنى واحد.
يقال : أمسكت الحبل إمساكا ، ومسّكته تمسيكا ، وفي التشديد مبالغة ، والمخفف صالح لها أيضا (٤).
وقرأ الحسن ، وابن أبي ليلى ، وأبو عمرو (٥) ، وابن عامر في رواية عنهما : «تمسّكوا» ـ بالفتح في الجميع وتشديد السين ـ والأصل : «تتمسّكوا» ـ بتاءين ـ فحذفت إحداهما.
وعن الحسن (٦) أيضا : «تمسكوا» مضارع «مسك» ثلاثيا.
والعصم : جمع عصمة ، والعصمة هاهنا : النّكاح ، يقول : من كانت له كافرة بمكة فلا يعقد بها فقد انقطعت عصمتها.
و «الكوافر» جمع «كافرة» ، ك «ضوارب» في «ضاربة» و «صواحب».
ويحكى عن الكرخي الفقيه المعتزلي أنه قال : «الكوافر» يشمل الرجال والنساء.
قال الفارسي : فقلت له : النحويون لا يرون هذا إلّا في النساء جمع كافرة.
__________________
(١) السابق.
(٢) ينظر : الجامع لأحكام القرآن ١٨ / ٤٣.
(٣) ينظر : السبعة ٦٣٣ ، والحجة ٦ / ٢٨٦ ، وإعراب القراءات ٢ / ٣٦٠ ، وحجة القراءات ٧٠٧ ، والعنوان ١٨٩ ، وشرح الطيبة ٦ / ٥١ ، وشرح شعلة ٦٠٢ ، وإتحاف ٢ / ٥٣٥.
(٤) ينظر : الدر المصون ٦ / ٣٠٦.
(٥) ينظر : المحرر الوجيز ٥ / ٢٩٨ ، والبحر المحيط ٨ / ٢٥٤ ، والدر المصون ٦ / ٣٠٦.
(٦) ينظر : إعراب القراءات ٢ / ٣٦٠ ، والسابق.