فقال أبو علي : أليس يقال : طائفة كافرة وفرقة كافرة؟.
قال أبو عليّ : فبهت ، وقلت : هذا تأييد إلهي.
قال شهاب الدين (١) : وإنما أعجب بقوله لكونه معتزليا ، والحق أنه لا يجوز كافرة وصفا للرجال إلا أن يكون الموصوف مذكورا ، نحو : هذه طائفة كافرة ، أو في قوّة المذكور ، أما أن يقال : طائفة باعتبار الطائفة غير المذكورة ، ولا في قوة المذكورة بل لمجرد الاحتمال ، ويجمع جمع «فاعلة» فهذا لا يجوز ، وقول الفارسي : «لا يرون هذا إلا في النّساء» فهذ يصح ولكنه الغالب ، وقد يجمع «فاعل» وصف المذكر العاقل على «فواعل» وهو محفوظ نحو : «فوارس ونواكس».
فصل في المراد بالآية
قال النخعي (٢) : المراد بالآية : المرأة المسلمة تلحق بدار الحرب ، فتكفر ، وكان الكفار يتزوجون المسلمات ، والمسلمون يتزوجون المشركات ، ثم نسخ ذلك بهذه الآية ، فطلق عمر بن الخطاب حينئذ امرأتين ب «مكة» مشركتين : قريبة بنت أبي أمية ، فتزوجها معاوية بن أبي سفيان ، وهما على شركهما ب «مكة» ، وأم كلثوم بنت عمرو الخزاعية أم عبد الله بن المغيرة ، فتزوجها أبو جهم بن حذافة ، وهما على شركهما ، فلما ولي عمر ، قال أبو سفيان لمعاوية : طلق قريبة ، لئلا يرى عمر صلبه في بيتك ، فأبى معاوية ، وكانت عند طلحة بن عبيد الله أروى بنت ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب ، ففرق الإسلام بينهما ، ثم تزوّجها في الإسلام خالد بن سعيد بن العاص ، وكانت ممن فرت إلى النبي صلىاللهعليهوسلم من نساء الكفار فحبسها ، وتزوجها خالد بن سعيد بن العاص بن أمية.
وقال الشعبيّ : كانت زينب بنت رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، امرأة أبي العاص بن الربيع ، أسلمت ولحقت بالنبي صلىاللهعليهوسلم ، وأقام أبو العاص ب «مكة» مشركا ، ثم أتى «المدينة» ، فأسلم ، فردها عليه رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
وروى أبو داود عن عكرمة عن ابن عبّاس رضي الله عنهما : رد رسول الله ابنته زينب على أبي العاص بالنكاح الأول ، لم يحدث شيئا.
قال محمد بن عمر في حديثه : بعد ست سنين.
وقال الحسن بن عليّ : بعد سنتين (٣).
قال أبو عمر : فإن صح هذا ، فلا يخلو من وجهين :
__________________
(١) ينظر : الدر المصون ٦ / ٣٠٦.
(٢) ينظر : القرطبي ١٨ / ٤٤.
(٣) أخرجه أبو داود ١ / ٦٨ في الطلاق ، باب : إلى متى ترد عليه امرأته إذا أسلم بعدها (٢٢٤٠) ، وذكره القرطبي في تفسيره ١٨ / ٤٤.