وقال عكرمة : إذا كثر ولد الزنا قحط المطر (١).
قال القرطبي (٢) : ومعظم المفسرين على أن هذه الآية نزلت في الوليد بن المغيرة وكان يطعم أهل منى حيسا ثلاثة أيام ، وينادي ألا لا يوقدن أحدكم تحت برمة ، ألا لا يدخلن أحد بكراع ، ألا ومن أراد الحيس فليأت الوليد بن المغيرة ، وكان ينفق في الحجة الواحدة عشرين ألفا ، أو أكثر ، ولا يعطي المسكين درهما واحدا ؛ فقيل : (مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ) ، وفيه نزل : (وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ) [فصلت : ٦ ، ٧].
وقال محمد بن إسحاق : نزلت في الأخنس بن شريق ؛ لأنه حليف ملحق في بني زهرة ، فلذلك سمي زنيما. وروى عكرمة عن ابن عباس أنه قال : في هذه الآية نعت ، فلم يعرف ، حتى قتل زنيم فعرف ، وكانت له زنمة في عنقه يعرف بها (٣).
قال ابن قتيبة : لا نعلم أن الله وصف أحدا ، ولا ذكر من عيوبه ما ذكر من عيوب الوليد بن المغيرة وألحق به عارا لا يفارقه في الدنيا والآخرة.
فصل
قرأ الحسن : «عتلّ» بالرفع ، أي هو عتل.
وحقه أن يقرأ ما بعده بالرفع أيضا ، لأنهم قالوا في القطع : إنه يبدأ بالإتباع ، ثم بالقطع من غير عكس ، وقوله : (بَعْدَ ذلِكَ) أي : بعدما وصفناه به.
قال ابن عطية (٤) : فهذا الترتيب إنما هو في قول الواصف لا في حصول تلك الصفات في الموصوف ، وإلا فكونه عتلّا هو قبل كونه صاحب خير يمنعه.
وقال الزمخشريّ (٥) : (بَعْدَ ذلِكَ) أي : بعد ما عد له من المثالب ، والنقائص ، ثم قال : جعل جفاءه ودعوته أشد معايبه ، لأنه إذا غلظ وجفا طبعه قسا قلبه واجترأ على كل معصية.
ونظير قوله : (بَعْدَ ذلِكَ زَنِيمٍ ثُمَّ كانَ مِنَ الَّذِينَ) [البلد : ١٧].
قوله : (أَنْ كانَ ذا مالٍ وَبَنِينَ).
العامة : على فتح همزة «أن» ثم اختلفوا بعد ، فقرأ ابن عامر وحمزة (٦) وأبو بكر
__________________
(١) ذكره القرطبي في «تفسيره» (١٨ / ١٥٣).
(٢) ينظر : الجامع لأحكام القرآن ١٨ / ١٥٤.
(٣) ينظر : الكشاف ٤ / ٥٨٧ ، ٥٨٨ ، والبحر المحيط ٨ / ٣٠٤ ، والدر المصون ٦ / ٣٥٢.
(٤) ينظر : المحرر الوجيز ٥ / ٣٤٨.
(٥) ينظر : الكشاف ٤ / ٥٨٧.
(٦) ينظر : السبعة ٦٤٦ ، ٦٤٧ ، والحجة ٦ / ٣١٠ ، وإعراب القراءات ٢ / ٣٨٢ ، وحجة القراءات ٧١٧ ، والعنوان ١٩٥ ، وإتحاف ٢ / ٥٥٤.