«إذا» لا يعمل فيما قبلها ، لأن «إذا» تضاف إلى الجمل ، ولا يعمل المضاف إليه فيما قبل المضاف» انتهى.
وهذا يوهم أن المانع من ذلك ما ذكره فقط ، والمانع أمر معنوي ، حتى لو فقد هذا المانع الذي ذكره لامتنع من جهة المعنى ، وهو لا يصلح أن يعلل تلاوة آيات الله عليه بكونه ذا مال وبنين.
وأما قراءة «آن كان» على الاستفهام ، ففيها وجهان :
أحدهما : أن يتعلق بمقدر يدل عليه ما قبله ، أي : أتطيعه لأن كان ، أو الكون طواعية لأن كان.
والثاني : أن يتعلق بمقدر يدل عليه ما بعده ، أي : لأن كان كذب وجحد.
وأما قراءة «إن كان» ـ بالكسر ـ فعلى الشرط ، وجوابه مقدر ، تقديره : إن كان كذا يكفر ويجحد ، دل عليه ما بعده.
وقال الزمخشريّ : والشرط للمخاطب ، أي : لا تطع كل حلاف شارطا يساره ، لأنه إن أطاع الكافر لغنائه فكأنه اشترط في الطاعة الغنى ، ونحو صرف الشرط للمخاطب صرف الترجي إليه في قوله (لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى) [طه : ٤٤].
وجعله أبو حيّان (١) من دخول شرط على شرط ، يعنى «إن ، وإذا» إلا أنه قال : ليسا من الشروط المترتبة الوقوع. وجعل نظير ذلك قول ابن دريد : [الرجز]
٤٨١٧ ـ فإن عثرت بعدها إن وألت |
|
نفسي من هاتا فقولا لا لعا (٢) |
قال : «لأن الحامل على تدبر آيات الله كونه ذا مال وبنين ، وهو مشغول القلب بذلك غافل عن النظر قد استولت عليه الدّنيا وأنظرته».
وقرأ الحسن بن أبزى : بالاستفهام ، وهو استفهام تقريع وتوبيخ ، على قوله حين تليت عليه آيات الله : (أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ).
فصل في توجيه قراءة الآية
قال القرطبيّ (٣) : فمن قرأ بهمزة مطوّلة ، أو بهمزتين محققتين ، فهو استفهام والمراد به التوبيخ ، ويحسن له أن يقف على «زنيم» ، ويبتدىء (أَنْ كانَ) على معنى : لأن كان ذا
__________________
(١) ينظر : البحر المحيط ٨ / ٣١٠.
(٢) البيت لابن دريد الأزدي ، ينظر شرح مقصورة ابن دريد (٣٣) والخزانة ٤ / ٥٤٨ ، والدر المصون ٦ / ٣٥٤.
(٣) ينظر الجامع لأحكام القرآن ١٨ / ١٥٤.