وقيل : ما ابتلاه الله به في الدنيا في نفسه ؛ وأهله وماله من سوء ، وذل وصغار ، قاله ابن بحر.
وقال النضر بن شميل : المعنى سنحده على شرب الخمر ، والخرطوم : الخمر ، وجمعه : خراطيم ، وأنشد البيت المتقدم.
قال ابن (١) الخطيب : «وهذا تعسف».
قوله تعالى : (إِنَّا بَلَوْناهُمْ كَما بَلَوْنا أَصْحابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّها مُصْبِحِينَ (١٧) وَلا يَسْتَثْنُونَ (١٨) فَطافَ عَلَيْها طائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نائِمُونَ (١٩) فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ (٢٠) فَتَنادَوْا مُصْبِحِينَ (٢١) أَنِ اغْدُوا عَلى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صارِمِينَ (٢٢) فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخافَتُونَ (٢٣) أَنْ لا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ (٢٤) وَغَدَوْا عَلى حَرْدٍ قادِرِينَ (٢٥) فَلَمَّا رَأَوْها قالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ (٢٦) بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ (٢٧) قالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْ لا تُسَبِّحُونَ (٢٨) قالُوا سُبْحانَ رَبِّنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ (٢٩) فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَلاوَمُونَ (٣٠) قالُوا يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا طاغِينَ (٣١) عَسى رَبُّنا أَنْ يُبْدِلَنا خَيْراً مِنْها إِنَّا إِلى رَبِّنا راغِبُونَ (٣٢) كَذلِكَ الْعَذابُ وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ)(٣٣)
قوله (إِنَّا بَلَوْناهُمْ كَما بَلَوْنا أَصْحابَ الْجَنَّةِ). يريد أهل مكة ، والابتلاء : الاختبار. والمعنى : أعطيناهم الأموال ليشكروا لا ليبطروا ، فلما بطروا وعادوا محمدا صلىاللهعليهوسلم ابتليناهم بالجوع والقحط كما بلونا أصحاب الجنّة المعروف خبرها عندهم ، وذلك أنها كانت بأرض اليمن بالقرب منهم على فراسخ من «صنعاء» ، ويقال : بفرسخين ، كانت لرجل يؤدي حقّ الله منها ، فلما مات صارت إلى ولده ، فمنعوا الناس خيرها ، وبخلوا بحق الله فيها ؛ فأهلكها الله من حيث لم يمكنهم دفع ما حل بها.
قال الكلبيّ : كان بينهم وبين «صنعاء» فرسخان ابتلاهم الله بأن أحرق جنتهم (٢).
وقيل : جنة بصوران على فراسخ من صنعاء ، وكان أصحاب هذه الجنة بعد رفع عيسى ـ عليه الصلاة والسلام ـ بيسير.
وقيل : كانوا من بني إسرائيل.
وقيل : كانوا من ثقيف ، وكانو بخلاء ، وكانوا يجذون النخل ليلا من أجل المساكين ، فأرادوا حصاد زرعها ، وقالوا : (لا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ) فغدوا عليها فإذا هي قد اقتلعت من أصلها (فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ) أي : الليل ، ويقال أيضا للنهار : صريم ، فإن كان أراد الليل ، فلاسوداد مواضعها وكأنهم وجدوا مواضعها حمأة ، وإن كان أراد بالصريم النهار ، فلذهاب الشجر والزّرع وخلو الأرض منه ،
__________________
(١) ينظر الفخر الرازي ٣٠ / ٧٧.
(٢) ينظر : القرطبي (١٨ / ١٥٥).