الصلاة إذا حضرت أوقاتها ، وهو لا يستطيع الصلاة (وَقَدْ كانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سالِمُونَ) مما بهم الآن من الشدة النازلة بهم من هول ما عاينوا عند الموت ، أو من العجز والهرم، ونظير هذه الآية (فَلَوْ لا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ) [الواقعة : ٨٣]. ثم قال : واعلم أنه لا نزاع في أنه يمكن حمل اللفظ على ما قال أبو مسلم ، ثم قال : فأما قوله : «إنه لا يمكن حمله على يوم القيامة بسبب أن الأمر بالسجود حاصل في الدنيا والتكاليف زائلة يوم القيامة».
فجوابه : أن ذلك لا يكون على سبيل التكليف بل على سبيل التقريع والتخجيل فلم قلت: إن ذلك غير جائز.
قوله (وَقَدْ كانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ) في الدنيا (وَهُمْ سالِمُونَ) معافون أصحاء.
قال إبراهيم التيمي : أي : يدعون بالأذان ، والإقامة ، فيأبون.
وقال سعيد بن جبير : كانوا يسمعون حيّ على الفلاح ، فلا يجيبون ، وهم سالمون أصحاء(١).
وقال كعب الأحبار : والله ما نزلت هذه الآية إلا في الذين يتخلفون عن الجماعات.
وقيل : أي : بالتكليف الموجه عليهم في الشرع.
قوله : (فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهذَا الْحَدِيثِ) ، أي : فدعني والمكذبين بالقرآن وخلّ بيني وبينهم.
وقال الزجاج : لا تشغل بالك به كله إليّ ، فإني أكفيك أمره.
و «من» منصوب إما نسقا على ضمير المتكلم ، أو مفعول معه ، وهو مرجوح ؛ لإمكان النسق من غير ضعف ، وتقدم إعراب ما بعده.
فصل في مناسبة الآية لما قبلها
لما خوف الكفار بعظمة يوم القيامة زاد في التخويف مما عنده ، وفي قدرته من القهر ، يقال: ذرني وإياه أي كله إليّ ، فأنا أكفيكه.
قال السديّ : والمراد بالحديث القرآن (٢).
وقيل : يوم القيامة ، وهذا تسلية للنبيّ صلىاللهعليهوسلم.
قوله : (سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ) ، أي : سنأخذهم على غفلة ، وهم لا يعرفون ، فعذبوا يوم بدر.
__________________
(١) ذكره البغوي في «تفسيره» (٤ / ٣٨٣) والقرطبي (١٨ / ١٦٣).
(٢) ذكره القرطبي في «تفسيره» (١٨ / ١٦٣).