الأول : أن كلمة «لو لا» دلت على أن هذه المذمومية لم تحصل.
الثاني : لعل المراد من المذمومية ترك الأفضل ، فإن حسنات الأبرار سيئات المقربين.
الثالث : لعل هذه الواقعة كانت قبل النبوة ، لقوله (فَاجْتَباهُ رَبُّهُ) والفاء للتعقيب.
قيل : إن هذه الآية نزلت بأحد حين حل برسول الله صلىاللهعليهوسلم ما حل فأراد أن يدعو على الذين انهزموا.
وقيل : حين أراد أن يدعو على ثقيف.
قوله : (فَاجْتَباهُ رَبُّهُ) ، أي : فاصطفاه واختاره. (فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ).
قال ابن عباس : رد الله إليه الوحي ، وشفعه في نفسه ، وفي قومه (١) ، وقبل توبته وجعله من الصالحين بأن أرسله إلى مائة ألف ، أو يزيدون.
فصل فيمن قال : إن يونس لم يكن نبيا قبل واقعة الحوت
قال ابن (٢) الخطيب : قال قوم : لعل صاحب الحوت ما كان رسولا قبل هذه الواقعة ، ثم بعد هذه الواقعة جعله الله رسولا ، وهو المراد من قوله (فَاجْتَباهُ رَبُّهُ) والذين أنكروا الكرامات والإرهاص لا بد وأن يختاروا هذا القول ، لأن الاحتباس في بطن الحوت ، وعدم موته هناك لما لم يكن هناك إرهاص ، ولا كرامة ، فلا بد وأن تكون معجزة ، وذلك يقتضي أنه كان رسولا في تلك الحال.
فصل في خلق أفعال العباد
قال ابن (٣) الخطيب : احتج الأصحاب على أن فعل العبد خلق الله تعالى بقوله : (فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ) وهذا يدل على أن الصلاح إنما حصل بجعل الله وخلقه.
قال الجبائيّ : يحتمل أن يكون معنى «جعله» أنه أخبر بذلك ، ويحتمل أن يكون لطف به حتى صلح ، إذ الجعل يستعمل في اللغة في هذه المعاني.
والجواب : أن ذلك مجاز ، والأصل في الكلام الحقيقة.
قوله : (وَإِنْ يَكادُ الَّذِينَ كَفَرُوا) «إن» المخففة من الثقيلة. «ليزلقونك» ، أي : يغتالونك بأبصارهم ، قرأها نافع (٤) : بفتح الياء ، والباقون : بضمها.
__________________
(١) ذكره القرطبي في «تفسيره» (١٨ / ١٦٥).
(٢) ينظر الفخر الرازي ٣٠ / ٨٧.
(٣) ينظر الفخر الرازي ٣٠ / ٨٨.
(٤) ينظر : السبعة ٦٤٧ ، والحجة للقراء السبعة ٦ / ٣١٢ ، وإعراب القراءات ٢ / ٣٨٢ ، وحجة القراءات ٧١٨.