«لنجعلها» يعود إلى «الواقعة» التي هي معلومة ، وإن كانت هنا غير مذكورة ، والتقدير : لنجعل نجاة المؤمنين وإغراق الكافرين عظة ، وعبرة ، ويدل على صحته قوله : (وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ) فالضمير في قوله : «وتعيها» لا يمكن عوده إلى السفينة ، فكذا الضمير الأول.
قوله : (وَتَعِيَها) العامة : على كسر العين وتخفيف التاء ، وهو مضارع «وعى» منصوب عطفا على «لنجعلها».
وابن مصرف وأبو عمرو في رواية هارون (١) عنه وقنبل ، قال القرطبي (٢) : وحميد والأعرج بإسكانها تشبيها له ب «رحم ، وشهد» وإن لم يكن منه ، ولكن صار في اللفظ بمنزلة الفعل الحلقي العين.
قال ابن الخطيب (٣) : وروي عن ابن كثير إسكان العين ، جعل حرف المضارعة مع ما بعده بمنزلة واحدة ، فحذف وأسكن كما أسكن الحرف المتوسط من «فخذ وكبد وكتف» ، وإنما فعل ذلك ؛ لأن حرف المضارعة لا ينفصل من الفعل ، فأشبه ما هو من نفس الكلمة ، وصار كقول من قال : وهو وهي ، ومثل ذلك (وَيَتَّقْهِ) [النور : ٥٢] في قراءة من سكّن القاف.
وروي عن حمزة : إخفاء (٤) الكسرة.
وروي عن عاصم وحمزة (٥) : بتشديد «الياء».
وهو غلط عليهما ، وإنما سمعهما الراوي يثبتان حركة الياء ، فظنّها شدة.
وقيل : أجريا الوصل مجرى الوقف فضعّف الحرف ، وهذا لا ينبغي أن يلتفت إليه.
وروي عن حمزة أيضا ، وموسى (٦) بن عبد الله العبسي : (وَتَعِيَها) بسكون «الياء».
وفيها وجهان : الاستئناف ، والعطف على المنصوب ، وإنما سكنا «الياء» استثقالا للحركة على حرف العلة ، كقراءة : (تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ) [المائدة : ٨٩].
فصل في «وعى»
قال الزّجّاج : يقال : وعيت كذا ، أي : حفظته في نفسي ، أعيه وعيا ووعيت العلم ، ووعيت ما قلته كله بمعنى ، وأوعيت المتاع في الوعاء.
قال الزجاج : يقال لكل ما حفظته في غير نفسك : أوعيته ـ بالألف ـ ولما حفظته في نفسك : وعيته ، بغير ألف.
__________________
(١) ينظر : البحر المحيط ٨ / ١٣٧ ، والدر المصون ٦ / ٨٣٦٣.
(٢) الجامع لأحكام القرآن ١٨ / ١٧١.
(٣) ينظر : الفخر الرازي ٣٠ / ٩٤.
(٤) ينظر : البحر المحيط ٨ / ١٣٧ ، والدر المصون ٦ / ٣٦٣.
(٥) ينظر السابق.
(٦) ينظر السابق.