والدّكّ أبلغ من الدّق وقيل : «دكّتا» أي : بسطتا بسطة واحدة ، ومنه اندكّ سنام البعير ، إذا انفرش في ظهره.
وقرأ ابن عامر (١) في رواية ، والأعمش ، وابن أبي عبلة وابن مقسم : «وحمّلت» ـ بتشديد الميم ـ.
فجاز أن يكون التشديد للتكثير ، فلم يكسب الفعل مفعولا آخر.
وجاز أن يكون للتعدية فيكسبه مفعولا آخر ، فيحتمل أن يكون الثاني محذوفا ، والأول هو القائم مقام الفاعل تقديره : وحمّلت الأرض والجبال ريحا تفتتها ، لقوله : (فَقُلْ يَنْسِفُها رَبِّي نَسْفاً) [طه : ١٠٥].
وقيل : التقدير : حملنا ملائكة ، ويحتمل أن يكون الأول هو المحذوف ، والثاني هو القائم مقام الفاعل.
قوله : «فيومئذ» منصوب ب «وقعت» ، و (وَقَعَتِ الْواقِعَةُ) لا بدّ فيه من تأويل ، وهو أن تكون «الواقعة» صارت علما بالغلبة على القيامة ، أو الواقعة العظيمة ، وإلّا فقام القائم لا يجوز ، إذ لا فائدة فيه ، وتقدم هذا في قوله : (إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ).
والتنوين في «يومئذ» للعوض من الجملة ، تقديره : يومئذ نفخ في الصّور.
فصل في معنى الآية
المعنى قامت القيامة الكبرى (وَانْشَقَّتِ السَّماءُ) أي : انصدعت وتفطرت.
وقيل : انشقت لنزول الملائكة بدليل قوله تعالى : (وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّماءُ بِالْغَمامِ وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنْزِيلاً) [الفرقان : ٢٥] (فَهِيَ يَوْمَئِذٍ واهِيَةٌ) ، أي : ضعيفة مسترخية ساقطة (الْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ) [القارعة : ٥] بعد ما كانت محكمة.
يقال : وهي البناء يهي وهيا ، فهو واه إذا ضعف جدّا.
ويقال : كلام واه أي : ضعيف.
فقيل : إنّها تصير بعد صلابتها بمنزلة الصوف في الوهي ، ويكون ذلك لنزول الملائكة.
وقيل : لهول يوم القيامة.
وقال ابن شجرة : «واهية» أي : متخرقة ، مأخوذ من قولهم : وهى السّقاء (٢) ، إذا انخرق.
__________________
(١) ينظر : البحر المحيط ٨ / ٣١٧ ، والدر المصون ٦ / ٣٦٣.
(٢) في أ : الثياب.