«البقرة» عند قوله : (وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ) [البقرة : ٢٨٥] فليرجع ثمّة.
وأما قول أبي حيان : «ما من رجال» أن النفي منسحب على رتب الجمع ، ففيه خلاف ، والتحقيق ما ذكره.
قوله : (وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ).
الضمير في «فوقهم» يجوز أن يعود على «الملائكة» بمعنى كما تقدم ، وأن يعود على الحاملين الثمانية.
وقيل : إنّ حملة العرش فوق الملائكة الذين في السماء على أرجائها.
وقيل : يعود على جميع العالم ، أي : أن الملائكة تحمل عرش الله فوق العالم كلّه.
فصل في هؤلاء الثمانية
قال ابن عباس : ثمانية صنوف من الملائكة لا يعلم عددهم إلا الله (١).
وقال ابن زيد : هم ثمانية أملاك (٢).
وعن الحسن : الله أعلم كم هم ثمانية ، أم ثمانية آلاف ، أو ثمانية صفوف (٣). وعن النبيصلىاللهعليهوسلم «أنّ حملة العرش اليوم أربعة أوعال ، فإذا كان يوم القيامة أيدهم الله بأربعة آخرين ، فكانو ثمانية» خرّجه الماورديّ مرفوعا عن أبي هريرة عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم (٤). ورواه العباس بن عبد المطّلب عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم قال : «هم ثمانية أملاك على صورة الأوعال ، لكلّ ملك منهم أربعة أوجه: وجه رجل ، ووجه أسد ، ووجه ثور ، ووجه نسر ، وكلّ وجه منها يسأل الله الرّزق لذلك الجنس»(٥).
فإن قيل : إذا لم يكن فيهم صورة وعل ، فكيف سمّوا أو عالا؟.
فالجواب : أنّ وجه الثّور إذا كانت له قرون الوعل أشبه الوعل.
وفي الخبر : «أنّ فوق السّماء السّابعة ثمانية أوعال بين أظلافهنّ وركبهنّ مثل ما بين
__________________
(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٢١٥) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٤٠٩) وزاد نسبته إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم من طرق عن ابن عباس.
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ١٢٦) عن ابن زيد.
(٣) ذكره القرطبي في «تفسيره» (١٨ / ١٧٣) عن الحسن.
(٤) تقدم تخريجه.
(٥) أخرجه أبو يعلى (١٢ / ٧٤) رقم (٦٧١٢) والحاكم (٢ / ٥٠٠). وقال الحاكم : صحيح على شرط مسلم.
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٤٠٨) وزاد نسبته إلى عبد بن حميد وعثمان بن سعيد الدارمي في الردّ على الجهمية وابن المنذر وابن خزيمة وابن مردويه والخطيب في «تالي التلخيص» عن العباس بن عبد المطلب.