سماء إلى سماء ، وفوق ظهورهنّ العرش» (١). ذكره القشيريّ ، وخرّجه الترمذيّ من حديث العباس بن عبد المطلب.
وفي حديث مرفوع : «أنّ حملة العرش ثمانية أملاك ؛ على صور الأوعال ، ما بين أظلافها إلى ركبها مسيرة سبعين عاما للطّائر المسرع».
وروي أنّ أرجلهنّ في السّماء (٢) السّابعة (٣).
فصل في إضافة العرش إلى الله
إضافة العرش إلى الله ـ تعالى ـ كإضافة البيت إليه ، وليس البيت للسكن ، فكذلك العرش ، ومعنى «فوقهم» أي : فوق رءوسهم.
قال ابن الخطيب (٤) : قالت المشبّهة : لو لم يكن الله في العرش لكان حمل العرش عبثا لا فائدة فيه ، لا سيما قد أكّد ذلك بقوله : (يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ) ، والعرش إنّما يكون لو كان الإله حاضرا في العرش.
وأجاب : بأنه لا يمكن أن يكون المراد أنّ الله ـ تعالى ـ جالس في العرش ؛ لأن كل من كان حاملا للعرش ؛ كان حاملا لكل ما كان في العرش فلو كان الإله على العرش لزم أن يكون الملائكة حاملين لله تعالى ، وذلك محال ؛ لأنه يقتضي احتياج الله إليهم ، وأن يكونوا أعظم قدرا من الله ، وكل ذلك كفر ، فعلمنا أنه لا بد فيه من التأويل ، فنقول : السبب في هذا الكلام هو أنه ـ تعالى ـ خاطبهم بما يتعارفونه ، فخلق لنفسه بيتا يزورونه ليس أنه يسكنه ـ تعالى الله عن ذلك ـ وجعل في ركن البيت حجرا ، هو يمينه في الأرض إذ كان من شأنهم أن يعظموا رؤساءهم بتقبيل أيمانهم ، وجعل على العباد حفظة لا لأن النسيان يجوز عليه سبحانه ، وكذلك أنّ الملك إذا أراد محاسبة عماله جلس على سريره ، ووقفت الأعوان حوله ، فسمى الله يوم القيامة عرشا ، وحفّت به الملائكة لا لأنه يقعد عليه ، أو يحتاج إليه ، بل كما قلنا في البيت والطّواف.
قوله : (يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ) هو جواب «إذا» من قوله : (فَإِذا نُفِخَ). قاله أبو حيّان (٥).
وفيه نظر ، بل جوابها ما تقدم من قوله : (وَقَعَتِ الْواقِعَةُ) و (تُعْرَضُونَ) على هذا مستأنفة.
قوله : (لا تَخْفى).
__________________
(١) أخرجه أبو داود (٢٧٢٤) والترمذي (٢ / ٣٣٢) وابن خزيمة في «التوحيد» (ص ٦٨) وابن ماجه (١٩٣) وابن أبي عاصم في «السنة» (١ / ٢٥٣ ـ ٢٥٤) من حديث العباس بن عبد المطلب.
(٢) في أ : الأرض.
(٣) تقدم تخريجه.
(٤) ينظر : الفخر الرازي ٣٠ / ٩٦.
(٥) البحر المحيط ٨ / ٣٢٤.