قرأ الأخوان (١) : بالياء من تحت ؛ لأن التأنيث مجازي ، كقوله : (وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ) [هود : ٦٧].
واختاره أبو عبيد ؛ لأنه قد حال بين الفعل والاسم المؤنث الجار والمجرور.
والأخوان : على أصلهما في إمالة الألف.
وقرأ الباقون : (لا تَخْفى) بالتاء من فوق للتأنيث اللفظي والفتح وهو الأصل ، واختاره أبو حاتم.
فصل في العرض على الله
قال القرطبيّ (٢) : هذا هو العرض على الله ، ودليله : (وَعُرِضُوا عَلى رَبِّكَ صَفًّا) [الكهف : ٤٨] وليس ذلك عرضا ليعلم ما لم يكن عالما ، بل ذلك العرض عبارة عن المحاسبة والمساءلة وتقدير الأعمال عليهم للمجازاة.
قال صلىاللهعليهوسلم : «يعرض النّاس يوم القيامة ثلاث عرضات ، فأما عرضتان فجدال ، ومعاذير وأما الثّالثة فعند ذلك تطير الصّحف في الأيدي فآخذ بيمينه وآخذ بشماله» (٣).
وقوله : (لا تَخْفى مِنْكُمْ خافِيَةٌ). قال ابن شجرة : أي : هو عالم بكل شيء من أعمالكم ، ف «خافية» على هذا بمعنى «خفيّة» كانوا يخفونها من أعمالهم ، ونظيره قوله تعالى: (لا يَخْفى عَلَى اللهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ) [غافر : ١٦].
قال ابن الخطيب (٤) : فيكون الغرض المبالغة في التهديد ، يعني : «تعرضون على من لا يخفى عليه شيء».
وقيل : لا يخفى عليه إنسان لا يحاسب.
__________________
(١) ينظر : السبعة ٦٤٨ ، والحجة ٦ / ١٣٥ ، وإعراب القراءات ٢ / ٣٨٦ ، وحجة القراءات ٧١٨.
(٢) ينظر : الجامع لأحكام القرآن ١٨ / ١٧٤.
(٣) أخرجه أحمد (٤ / ٤١٤) وابن ماجه (٢ / ١٤٣٠) من طريق الحسن عن أبي موسى.
قال البوصيري في «الزوائد» (٣ / ١٣٥) : هذا إسناد رجاله ثقات إلا أنه منقطع الحسن لم يسمع من أبي موسى قاله علي بن المديني وأبو حاتم وأبو زرعة.
ورواه أبو بكر ين أبي شيبة في «مسنده» بإسناده ومتنه.
وللحديث شاهد من حديث أبي هريرة أخرجه الترمذي (٢٤٢٥) من طريق الحسن عنه.
وقال الترمذي : ولا يصح هذا الحديث من قبل أن الحسن لم يسمع من أبي هريرة وقد رواه بعضهم عن علي الرفاعي عن الحسن عن أبي موسى عن النبي صلىاللهعليهوسلم.
وقال : ولا يصح هذا الحديث من قبل أن الحسن لم يسمع من أبي موسى.
ولتفصيل سماع الحسن من أبي هريرة وأبي موسى ينظر «جامع التحصيل» (ص ١٦٢ ـ ١٦٤) للحافظ العلائي.
(٤) ينظر الفخر الرازي ٣٠ / ٩٧.