تقدم ، فيكون في موضع جر ، والخبر «منكم» ، ويجوز أن يكون منصوبا ، على أنه خبر ، و «منكم» ملغى ، ويكون متعلقا ب «حاجزين» ، ولا يمنع الفصل به من انتصاب الخبر في هذا ، كما لم يمتنع الفصل به في «إنّ فيك زيدا راغب».
قوله : (وَإِنَّهُ). يعني : القرآن (لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ) ، أي : الخائفين الذين يخشون الله ، ونظيره (فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ) [البقرة : ٢].
وقيل : المراد محمد صلىاللهعليهوسلم أي : هو تذكرة ورحمة ونجاة.
(وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ).
قال الربيع : بالقرآن ، (وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ) يعني : القرآن (عَلَى الْكافِرِينَ) إمّا يوم القيامة إذا رأوا ثواب المصدقين به ، أو في الدنيا إذا رأوا دولة المؤمنين به ، أو حين لم يقدروا على معارضته حين تحدّاهم أن يأتوا بسورة مثله.
والحسرة : الندامة.
وقيل : (إِنَّهُ لَحَسْرَةٌ) يعني : التكذيب به ، لدلالة مكذبين على المصدر دلالة «السّفيه» فيه في قوله : [الوافر]
٤٨٥٦ ـ إذا نهي السّفيه جرى إليه |
|
وخالف ، والسّفيه إلى خلاف (١) |
أي : إلى السّفه.
فصل فيمن استدل بالآية على أن الكفر ليس من الله
قال ابن الخطيب (٢) : وللمعتزلة أن يتمسكوا بهذه الآية ، على أنّ الكفر ليس من الله ؛ لأنه وصف القرآن بأنه تذكرة للمتقين ، ولم يقل : إنه ضلال للمكذبين ؛ بل نسب الضّلال إليهم بقوله : (وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ).
والجواب : ما تقدم.
قوله : (وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ) يعني : القرآن العظيم ، تنزيل من الله ـ عزوجل ـ فهو كحق اليقين.
وقيل : حقّا يقينا لا بطلان فيه ، ويقينا لا ريب فيه ، ثم أضيف أحد الوصفين إلى الآخر للتأكيد. قاله ابن الخطيب.
وقال القرطبيّ (٣) : قال ابن عبّاس : إنما هو كقولك : عين اليقين ومحض اليقين ، ولو كان اليقين نعتا لم يجز أن يضاف إليه ، كما لا تقول : هذا رجل الظريف.
__________________
(١) تقدم.
(٢) ينظر : الفخر الرازي ٣٠ / ١٠٦.
(٣) ينظر : الجامع لأحكام القرآن ١٨ / ١٨٠.