عليها ؛ لضعف قلبها ، وقلة هدايتها إلى المخرج منه ، بإظهار كلمة الكفر مع التورية ، وإضمار الإيمان ، ولا يخشى ذلك على الرجل لقوته ، وهدايته إلى التقية ، فعلى هذا كان رد المهر مندوبا.
واختلفوا في أنه يجب به العمل اليوم في رد المال (١) إذا اشترط في معاقدة الكفار فقال عطاء ومجاهد وقتادة : لا يجب ، وزعموا أن الآية منسوخة (٢).
وقيل : هي غير منسوخة ، ويرد إليهم ما أنفقوا.
فصل في معنى الآية
معنى الآية (٣) : إن لحقت امرأة مؤمنة بكفار أهل «مكة» ، وليس بينكم وبينهم عهد ، ولها زوج مسلم قبلكم ، فغنمتم فأعطوا هذا الزّوج المسلم مهره من الغنيمة قبل أن تخمس (٤) ، [وهو قول ابن عبّاس رضي الله عنهما](٥).
وقال الزهري : يعطى من الفيء.
وعنه : يعطى من صداق من لحق منا.
وقيل : إن امتنعوا من أن يغرموا مهر هذه المرأة التي ذهبت إليهم ، فانبذوا العهد إليهم حتى إذا ظفرتم ، فخذوا ذلك منهم (وَاتَّقُوا اللهَ) ، أي : احذروا أن تتعدوا ما أمرتم به.
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا جاءَكَ الْمُؤْمِناتُ يُبايِعْنَكَ عَلى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللهِ شَيْئاً وَلا يَسْرِقْنَ وَلا يَزْنِينَ وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)(١٢)
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا جاءَكَ الْمُؤْمِناتُ يُبايِعْنَكَ) الآية.
لما فتح رسول الله صلىاللهعليهوسلم «مكة» ، جاءه نساء أهل «مكة» يبايعنه ، فأمر أن يأخذ عليهن أن لا يشركن (٦).
قالت عائشة رضي الله عنها : والله ما أخذ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قط إلا بما أمر الله ـ عزوجل ـ وما مست كف رسول الله صلىاللهعليهوسلم كف امرأة قط ، وكان يقول إذا أخذ عليهن : «قد بايعتكنّ» كلاما (٧).
__________________
(١) في أ : المال الذي.
(٢) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٩ / ٣١١) عن ابن جريج قال : سألت عطاء عن هذه الآية تعلمها قال : لا. وعزاه إلى أبي داود في «ناسخه» وابن المنذر.
(٣) في أ : قال ابن عباس رضي الله عنهما.
(٤) ينظر : القرطبي ١٨ / ٤٦.
(٥) سقط من أ.
(٦) ينظر : القرطبي ١٨ / ٤٧.
(٧) أخرجه البخاري (٨ / ٥٠٤) كتاب التفسير ، باب : «إِذا جاءك الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ» رقم (٤٨٩١) عن عائشة. ـ