فالجواب (١) : يحتمل أن من أسفل العالم إلى أعلى العرش خمسين ألف سنة ، ومن أعلى سماء الدنيا إلى الأرض ألف سنة ؛ لأن عرض كل سماء خمسمائة ، وما بين أسفل السماء إلى قرار الأرض خمسمائة ، فقوله : (فِي يَوْمٍ) يريد : في يوم من أيام الدنيا ، وهو مقدار ألف سنة لو صعدوا فيه إلى سماء الدنيا ، ومقدار خمسين ألف سنة لو صعدوا إلى أعلى العرش.
قوله تعالى : (فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً (٥) إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً (٦) وَنَراهُ قَرِيباً (٧) يَوْمَ تَكُونُ السَّماءُ كَالْمُهْلِ (٨) وَتَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ (٩) وَلا يَسْئَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً (١٠) يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ (١١) وَصاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ (١٢) وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ (١٣) وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ يُنْجِيهِ)(١٤)
قوله : (فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً) قال ابن الخطيب (٢) : هذا متعلق ب (سَأَلَ سائِلٌ) ؛ لأن استعجالهم بالعذاب كان على وجه الاستهزاء برسول الله صلىاللهعليهوسلم والتعنّت فأمر بالصبر.
ومن قرأ : «سال سائل» ، وسيل فالمعنى جاء العذاب لقرب وقوعه فاصبر على أذى قومك ، والصّبر الجميل هو الذي لا جزع فيه ، ولا شكوى لغير الله.
وقيل : أن يكون صاحب مصيبة في القوم لا يدرى من هو.
قال ابن زيد والكلبيّ : هذه الآية منسوخة بالأمر بالقتال (٣).
قوله : (إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً وَنَراهُ قَرِيباً).
الضمير في «إنّهم» لأهل «مكة» ، وفي «يرونهم ، ونراه» لليوم إن أريد به يوم القيامة.
قال القرطبيّ (٤) : أي : نعلمه ؛ لأن الرؤية إنما تتعلق بالموجود ، كقولك : الشافعي يرى في هذه المسألة كذا.
وقال الأعمش : يرون البعث بعيدا ؛ لأنهم لا يؤمنون به ، كأنهم يستبعدونه على جهة الإحالة كمن يقول لمن يناظره : هذا بعيد لا يكون.
وقيل : الضمير يعود إلى العذاب بالنار ، أي : غير كائن ، (وَنَراهُ قَرِيباً) لأن ما هو آت ، فهو قريب.
قوله : (يَوْمَ تَكُونُ) ، فيه أوجه :
__________________
(١) ينظر : الفخر الرازي ٣٠ / ١١٠.
(٢) ينظر : الفخر الرازي ٣٠ / ١١٠.
(٣) ذكره القرطبي في «تفسيره» (١٨ / ١٨٤) عن ابن عباس.
(٤) الجامع لأحكام القرآن (١٨ / ١٨٤).