وقيل : هو ضرب مثل ، أي : أنها تدعوهم بلسان الحال ، أي : إنّ مصير من أدبر ، وتولى إليها ، فكأنّها الدّاعية لهم.
ومثله قول الشاعر : [الكامل]
٤٨٦٥ ـ ولقد هبطنا الواديين فواديا |
|
يدعو الأنيس به الغضيض الأبكم (١) |
الغضيض الأبكم : الذباب ، وهو لا يدعو ، وإنّما طنينه نبّه عليه فدعا له.
قال القرطبيّ (٢) : «والقول الأول هو الحقيقة لظاهر القرآن ، والأخبار الصحيحة».
قال القشيريّ : ودعا لظى بخلق الحياة فيها حين تدعو ، وخوارق العادة غدا كثيرة.
قوله : (وَجَمَعَ فَأَوْعى). أي : جمع المال فجعله في وعاء ، ومنع منه حق الله تعالى ، فكان جموعا منوعا.
قال ابن الخطيب (٣) : «جمع» إشارة إلى حبّ الدنيا ، والحرص عليها ، «وأوعى» إشارة إلى الأمل ، ولا شكّ أنّ مجامع آفات الدين ليست إلّا هذه.
وقيل : «جمع» المعاصي «فأوعى» أي : أكثر منها حتى أثقلته ، وأصرّ عليها ، ولم يتب منها.
قوله تعالى : (إِنَّ الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً (١٩) إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً (٢٠) وَإِذا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً (٢١) إِلاَّ الْمُصَلِّينَ (٢٢) الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ (٢٣) وَالَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (٢٤) لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (٢٥) وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ (٢٦) وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ (٢٧) إِنَّ عَذابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ (٢٨) وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ (٢٩) إِلاَّ عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (٣٠) فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ (٣١) وَالَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ راعُونَ (٣٢) وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهاداتِهِمْ قائِمُونَ (٣٣) وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ (٣٤) أُولئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ)(٣٥)
قوله : (إِنَّ الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً).
قال الضحاك : المراد بالإنسان هنا الكافر.
وقيل : عام لأنه استثنى منه المصلين ، فدلّ على أن المراد به الجنس ، فهو كقوله : (إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا) [العصر : ٢ ، ٣]. و «هلوعا» حال مقدرة.
والهلع مفسّر بما بعده ، وهو قوله «إذا ، وإذا».
__________________
(١) ينظر : القرطبي ١٨ / ١٨٧.
(٢) الجامع لأحكام القرآن ١٨ / ١٨٧.
(٣) الفخر الرازي ٣٠ / ١١٣.