(وَالَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ راعُونَ) تقدّم أيضا [المؤمنين : ٨].
وقرىء (١) : «لأمانتهم» على التوحيد ، وهي قراءة ابن كثير وابن محيصن.
ف «الأمانة» اسم جنس تدخل فيها أمانات الدين ، فإنّ الشرائع أمانات ائتمن الله عليها عباده ، ويدخل فيها أمانات الناس من الودائع ، وقد مضى ذلك.
قوله : (وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهاداتِهِمْ قائِمُونَ).
قرأ حفص (٢) : «بشهاداتهم» جمعا ، اعتبارا بتعدد الأنواع ، والباقون : بالإفراد ، أو المراد الجنس.
قال الواحديّ : والإفراد أولى ؛ لأنه مصدر ، فيفرد كما تفرد المصادر ، وإن أضيف إلى الجمع ك (لَصَوْتُ الْحَمِيرِ) [لقمان : ١٩] ومن جمع ذهب إلى اختلاف الشّهادات.
قال أكثر المفسرين : يقومون بالشهادة على من كانت عليه من قريب وبعيد يقومون بها عند الحكّام ، ولا يكتمونها.
وقال ابن عبّاس : بشهادتهم : أن الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله (٣).
قوله : (وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ).
قال قتادة : على وضوئها وركوعها وسجودها ، فالدوام خلاف المحافظة فدوامهم عليها محافظتهم على أدائها لا يخلّون بها (٤) ، ولا يشتغلون عنها بشيء من الشواغل ، ومحافظتهم عليها أن يراعوا إسباغ الوضوء لها ، ومواقيتها ، ويقيموا أركانها ، ويكملوها بسننها ، وآدابها ، ويحفظونها من الإحباط باقتراف المآثم ، فالدوام يرجع إلى نفس الصلوات ، والمحافظة على أحوالها ، ذكره القرطبيّ (٥).
ثم قال : (أُولئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ) ، أي : أكرمهم الله فيها ، بأنواع الكرامات.
قوله تعالى :(فَما لِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ (٣٦) عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ عِزِينَ (٣٧) أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ (٣٨) كَلاَّ إِنَّا خَلَقْناهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ) (٣٩)
قوله : (فَما لِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ).
روي أنّ المشركين كانوا يجتمعون حول النبيّ صلىاللهعليهوسلم يستمعون كلامه ، ويستهزئون به
__________________
(١) ينظر : السبعة ٦٥١ ، والحجة ٦ / ٧٣٢١ ، وإعراب القراءات ٢ / ٣٩٣ ، وحجة القراءات ٧٢٤.
(٢) ينظر : السبعة ٦٥١ ، والحجة ٦ / ١٣٢ ، وإعراب القراءات ٢ / ٣٩٣ ، وحجة القراءات ٧٢٤.
(٣) ذكره القرطبي في «تفسيره» (١٨ / ١٨٩).
(٤) ينظر المصدر السابق.
(٥) ينظر : الجامع لأحكام القرآن ١٨ / ١٨٩.