ومنه حديث النبي صلىاللهعليهوسلم أنه خرج إلى أصحابه فرآهم حلقا ، فقال : «ما لي أراكم عزين ، ألا تصفّون كما تصفّ الملائكة عند ربّها» ، قالوا : وكيف تصف الملائكة؟ قال : «يتمون الصف الأول فيتراصون في الصف» (١).
وقال الأصمعيّ : العزون : الأصناف ، يقال : في الدّار عزون ، أي : أصناف.
وفي «الصّحاح» (٢) : «العزة» الفرقة من الناس.
وقيل : العزة : الجماعة اليسيرة كالثلاثة والأربعة.
وقال الراغب : «وقيل : هو من قولهم : عزا عزاء فهو عز إذا صبر ، وتعزّى : تصبّر ، فكأنّها اسم للجماعة التي يتأسّى بعضها ببعض».
قال القرطبيّ (٣) : ويقال : عزون ، وعزون ـ بالضم ـ ولم يقولوا : عزات ، كما قالوا : ثبات ، قيل : كان المستهزئون خمسة أرهط.
وقال الأزهريّ : وأصلها من قولهم : عزا فلان نفسه إلى بني فلان يعزوها عزوا إذا انتمى إليهم ، والاسم : «العزوة» ، كلّ جماعة اعتزوها إلى آخر واحد.
قوله : (أَنْ يُدْخَلَ).
العامة : على بنائه للمفعول.
وزيد بن علي ، والحسن ، وابن يعمر (٤) ، وأبو رجاء ، وعاصم في رواية ، قال القرطبي(٥): وطلحة بن مصرف ، والأعرج على بنائه للفاعل.
فصل في تعلق الآية بما بعدها
لما قال المستهزئون : إن دخل هؤلاء الجنّة كما يقول محمد فلندخلنّها قبلهم ، أجابهم الله ـ تعالى ـ بقوله : (كَلَّا) لا يدخلونها ، ثم ابتدأ فقال : (إِنَّا خَلَقْناهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ) أي : أنهم يعلمون أنهم مخلوقون من نطفة ، ثم من علقة ، ثم كما خلق سائر جنسهم ، فليس لهم فضل يستوجبون به الجنة ، وإنما يستوجب بالإيمان ، والعمل الصالح ، ورحمة الله تعالى.
__________________
(١) أخرجه مسلم (١ / ٣٢٢) والطبري في تفسيره (١٢ / ٢٤١) ، وأبو داود (٢ / ٦٧٣) كتاب الأدب : باب في التحلق رقم (٤٨٢٣) ، وأحمد (٥ / ٩٣) من حديث جابر بن سمرة.
وأخرجه ابن حبان (٣١٢ ـ موارد) والطبري (١٢ / ٢٤١) وابن مردويه كما في «الدر المنثور» (٦ / ١٤٢) من حديث أبي هريرة وفي الباب عن أنس بن مالك ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٤٢١) وعزاه إلى عبد بن حميد.
(٢) ينظر : الصحاح ٦ / ٢٤٢٠.
(٣) الجامع لأحكام القرآن ١٨ / ١٩٠.
(٤) ينظر : المحرر الوجيز ٣٧٠ ، والبحر المحيط ٨ / ٣٠٠ ، والدر المصون ٦ / ٣٨٠.
(٥) الجامع لأحكام القرآن ١٨ / ١٩٠.