فصل في معنى قوله : نصب
قال ابن عباس : (إِلى نُصُبٍ) ، أي إلى غاية ، وهي التي ينتهي إليها بصرك (١).
وقال الكلبيّ : هو شيء منصوب علم أو راية (٢).
وقال الحسن : كانوا يبتدرون إذا طلعت الشمس إلى نصبهم التي كانوا يعبدونها من دون الله لا يلوي أوّلهم على آخرهم (٣).
و «يوفضون» : يسرعون.
وقيل : يستبقون.
وقيل : يسعون.
وقيل : ينطلقون ، وهي متقاربة ، والإيفاض : الإسراع ؛ قال الشاعر : [المتقارب]
٤٨٧٥ ـ فوارس ذبيان تحت الحدي |
|
د كالجنّ يوفضن من عبقر (٤) |
وعبقر : موضع تزعم العرب أنه من أرض الجنّ ؛ قال لبيد : [الطويل]
٤٨٧٦ ـ ............ |
|
كهول وشبّان كجنّة عبقر (٥) |
وقال الآخر : [الرجز]
٤٨٧٧ ـ لأنعتن نعامة ميفاضا (٦)
وقال الليث : وفضت الإبل تفضي وفضا ، وأوفضها صاحبها ، فالإيفاض متعد ، والذي في الآية لازم يقال : وفض وأوفض ، واستوفض بمعنى : أسرع.
قوله : (خاشِعَةً). حال إما من فاعل «يوفضون» وهو أقرب ، أو من فاعل «يخرجون» وفيه بعد منه ، وفيه تعدد الحال لذي حال واحدة ، وفيه الخلاف المشهور.
و «أبصارهم» فاعل ، والمعنى : ذليلة خاضعة لا يرفعونها لما يتوقعونه من عذاب الله.
قوله : (تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ) ، قرأ العامة : بتنوين «ذلّة» ، والابتداء ب (ذلِكَ الْيَوْمُ) ، وخبره (الَّذِي كانُوا).
__________________
(١) ذكره القرطبي في «تفسيره» (١٨ / ١٩٢).
(٢) ينظر المصدر السابق.
(٣) ينظر المصدر السابق.
(٤) ينظر : القرطبي ١٨ / ١٩٢ ، والبحر ٣٣٠٨ ، والدر المصون ٦ / ٣٨١.
(٥) عجز بيت وصدره :
ومن غاد من إخوانهم وبنيهم
ينظر ديوانه (٥٤) ، ولسان العرب (عبقر) ، والصحاح (عبقر).
(٦) ينظر البحر ٨ / ٣٣٠ ، والدر المصون ٦ / ٣٨١.