وقال مجاهد : لا تخلو المرأة بالرجال (١).
وقال سعيد بن المسيّب والكلبيّ وعبد الرحمن بن زيد : هو النهي عن النوح ، والدعاء بالويل ، وتمزيق الثوب ، وحلق الشعر ، ونتفه ، وخمش الوجه ، ولا تحدّث المرأة الرجال إلا ذا محرم ، ولا تخلو برجل غير ذي محرم ، ولا تسافر إلا مع ذي محرم (٢).
وروت أم عطيّة عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم إن ذلك في النوح ، وهو قول ابن عباس.
وروى شهر بن حوشب عن أم سلمة عن النبي صلىاللهعليهوسلم : «ولا يعصينك في معروف» ، قال: «هو النّوح» (٣).
وفي صحيح مسلم عن أمّ عطيّة : لما نزل قوله : «يبايعنك» ، إلى قوله : (وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ) ، قالت : كان منه النياحة ، قالت : فقلت : يا رسول الله ، إلا آل بني فلان ، فإنهم كانوا أسعدوني في الجاهلية ، فلا بد لي من أن أسعدهم ، فقال رسول اللهصلىاللهعليهوسلم : «إلا آل بني فلان» (٤).
قوله : «يبايعنك» : حال ، و «شيئا» : مصدر ، أي شيئا من الإشراك (٥).
وقرأ علي (٦) والسلمي والحسن : «يقتّلن» بالتشديد.
و «يفترينه» : صفة ل «بهتان» ، أو حال من فاعل : «يأتين».
فصل
ذكر الله ـ عزوجل ـ في هذه الآية لرسول الله صلىاللهعليهوسلم في صفة البيعة خصالا شتى ، صرح فيهن بأركان النهي في الدين ، ولم يذكر أركان الأمر ، وهي ستة أيضا : الشهادة ، والصلاة ، والزكاة ، والصيام ، والحج ، والاغتسال من الجنابة ، وذلك لأن النهي دائم في كل الأزمان ، وكل الأحوال ، فكان التنبيه على اشتراط الدائم آكد.
وقيل (٧) : إن هذه المناهي كان في النساء كثير من يرتكبها ، ولا يحجزهن [عنها](٨) شرف النسب ، فخصت بالذكر لهذا ، ونحو منه قوله ـ عليه الصلاة والسلام ـ لوفد عبد القيس: «وأنهاكم عن الدّبّاء والحنتم والنّقير والمزفّت» (٩).
__________________
(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٧٦).
(٢) ينظر تفسير الرازي (٢٩ / ٢٦٧).
(٣) أخرجه الترمذي (٣٣٠٧) وابن ماجه (١٥٧٩) من طريق شهر بن حوشب عن أم سلمة.
وقال الترمذي : هذا حديث حسن.
(٤) أخرجه الإمام مسلم في «صحيحه» (٢ / ٦٤٦) من حديث أم عطية.
(٥) ينظر : الدر المصون ٦ / ٣٨.
(٦) ينظر : البحر المحيط ٨ / ٢٥٦ ، والدر المصون ٦ / ٣٠٨.
(٧) ينظر : القرطبي ١٨ / ٤٨.
(٨) سقط من أ.
(٩) تقدم.