الزوائد ومعنى قوله : لتضمنه معنى «نبتّم» ، أي : مشتمل عليه ، غاية ما فيه أنه حذفت زوائده.
قال القرطبيّ (١) : «وقال الخليل والزجاج : إنه محمول على المعنى ، لأن معنى «أنبتكم» جعلكم تنبتون نباتا.
وقيل : معناه أنبت لكم من الأرض النبات ، ف «نباتا» على هذا نصب على المفعول الصريح ، والأول أظهر».
قال ابن بحر : أنبتكم في الأرض بالكبر بعد الصغر ، وبالطول بعد القصر ، ثم يعيدكم فيها ، أي عند موتكم بالدفن (وَيُخْرِجُكُمْ إِخْراجاً) بالنشور والبعث يوم القيامة.
والإنبات : استعارة بليغة ، قيل : المراد أنبت أباكم.
وقيل : المراد أنبت الكلّ لأنهم من النطف ، وهي من الأغذية التي أصلها الأرض ، وهذا كالتفسير لقوله : (خَلَقَكُمْ أَطْواراً) ، ثم قال : (ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيها وَيُخْرِجُكُمْ إِخْراجاً) ، وهذا إشارة إلى الطريقة المعهودة في القرآن ، من أنه تعالى لما كان قادرا على الابتداء ، فهو قادر على الإعادة ، وقوله : (وَيُخْرِجُكُمْ إِخْراجاً) ، أكده بالمصدر فإنه قال : يخرجكم حتما لا محالة.
قوله : (وَاللهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِساطاً) ، أي : مبسوطة.
(لِتَسْلُكُوا مِنْها سُبُلاً فِجاجاً) أي : طرقا واسعة ، والسّبل : الطرق ، والفجاج : جمع فجّ ، وهو الطريق الواسعة ، قاله الفراء.
وقيل : الفجّ : المسلك بين الجبلين ، وفي «الأنبياء» ، قدّم الفجاج لتناسب الفواصل. وقد تقدم الكلام على ذلك.
قوله تعالى : (قالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مالُهُ وَوَلَدُهُ إِلاَّ خَساراً (٢١) وَمَكَرُوا مَكْراً كُبَّاراً (٢٢) وَقالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُواعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً (٢٣) وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيراً وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلاَّ ضَلالاً (٢٤) مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا ناراً فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ أَنْصاراً (٢٥) وَقالَ نُوحٌ رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً (٢٦) إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلاَّ فاجِراً كَفَّاراً (٢٧) رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلاَّ تَباراً)(٢٨)
قوله : (قالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَساراً).
__________________
(١) ينظر : الجامع لأحكام القرآن ١٨ / ١٩٧.