وقول الآخر : [الكامل]
٤٨٨٤ ـ بيضاء تصطاد الغويّ وتستبي |
|
بالحسن قلب المسلم القرّاء (١) |
ويقال : رجل طوّال ، وجميل ، وحسّان ، وعظيم ، وعظّام.
وقرأ ابن عيسى وابن محيصن وأبو السمال (٢) وحميد ومجاهد : بالضم والتخفيف ، وهو بناء مبالغة أيضا دون الأول.
وقرأ زيد بن علي وابن محيصن أيضا : بكسر الكاف (٣) وتخفيف الباء.
قال أبو بكر : هو جمع كبير ، كأنه جعل «مكرا» ، مكان «ذنوب» ، أو «أفاعيل» ، يعني فلذلك وصفه بالجمع.
فصل في المقصود بالمكر في الآية
قيل مكرهم : هو تحريشهم سفلتهم على قتل نوح.
وقيل : هو تعزيزهم الناس بما أوتوا من الدنيا ، والولد ، حتى قالت الضعفة : لو لا أنهم على الحق لما أوتوا هذه النّعم.
وقال الكلبيّ : هو ما جعلوه لله من الصاحبة والولد (٤) ، وهذا بعيد ، لأن هذا إنما قاله النصارى وهم بعد قوم نوح عليهالسلام بأزمان متطاولة.
وقال مقاتل : هو قول كبرائهم لأتباعهم : (لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُواعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً) ، فمنعوا القوم عن التوحيد وأمروهم بالشرك (٥) ، واعلم أنه لما كان التوحيد أعظم المراتب ، لا جرم كان المنع منه أعظم الكبائر ، فلهذا وصفه الله تعالى بأنه كبار.
قال ابن الخطيب (٦) : وإنّما سماه مكرا لوجهين :
الأول : لما في إضافة الآلهة إليهم من الحيل الموجبة ، لاستمرارهم على عبادتها ؛ لأنها معبود آبائهم ، فلو قبلتم قول نوح لاعترفتم على أنفسكم بأنكم كنتم جاهلين ضالين ، وعلى آبائكم بأنهم كانوا كذلك ، ولما كان اعتراف الإنسان على نفسه وعلى أسلافه بالقصور والنقص والجهل بهذه الكلمة وهي لفظة «آلهتكم» وصدفكم عن الدين ؛ فلهذه الحجة الخفية سمّى الله كلامهم مكرا.
__________________
(١) البيت لأبي صدقة الدبيري ، ينظر اللسان (قرأ) ، والقرطبي ١٨ / ١٩٨ ، والبحر ٨ / ٣٥٥ ، والدر المصون ٦ / ٣٨٥ ، وروح المعاني ٢٩ / ٩٥.
(٢) ينظر : المحرر الوجيز ٥ / ٣٧٦ ، والبحر المحيط ٨ / ٣٥٥ ، والدر المصون ٦ / ٣٨٥.
(٣) ينظر السابق.
(٤) ذكره الماوردي في «تفسيره» (٦ / ١٠٣) والقرطبي (١٨ / ١٩٨).
(٥) ينظر المصدر السابق.
(٦) ينظر الفخر الرازي ٣٠ / ١٢٦.