وقرأ الأعمش (١) : «ولا يغوثا ويعوقا» مصروفين.
قال ابن عطية : «وذلك وهم ، لأن التعريف لازم ووزن الفعل». انتهى.
قال شهاب الدين (٢) : وليس بوهم لأمرين :
أحدهما : أنه صرفهما للتناسب إذ قبلهما اسمان مصروفان وبعده اسم مصروف كما صرف «سلاسل».
والثاني : أنه جاء على لغة من يصرف غير المنصرف مطلقا ، وهي لغة حكاها الكسائي ، ونقل أبو الفضل : الصرف فيهما عن الأشهب العقيلي ، ثم قال : جعلهما «فعولا» ، فلذلك صرفهما ، فأما في العامة : فإنهما صفتان من الغوث والعوق.
قال شهاب الدين (٣) : «وهذا كلام مشكل ، أما قوله : «فعولا» فليس بصحيح ، إذ مادة يغث ويعق مفقودة ، وأما قوله : صفتان من الغوث والعوق ، فليس في الصفات ولا في الأسماء «يفعل» والصحيح ما قدمته».
وقال الزمخشريّ : وهذه قراءة مشكلة لأنهما إن كانا عربيين أو أعجميين ، ففيهما المنع من الصرف ، ولعله وجد الازدواج ، فصرفهما لمصادفته أخواتهما منصرفات : ودّا وسواعا ونسرا ، كما قرىء وضحئها [الشمس : ١] بالإمالة لوقوعه مع الممالات للازدواج.
قال أبو حيّان (٤) : كأنه لم يطلع على أن صرف ما لا ينصرف لغة.
فصل في بيان هذه الأسماء
قال ابن عبّاس وغيره : وهي أصنام ، وصور كان قوم نوح يعبدونها ، ثم عبدتها العرب (٥) ، وهذا قول الجمهور.
وقيل : إنّها للعرب لم يعبدها غيرهم ، وكانت أكبر أصنامهم وأعظمها عندهم ، فلذلك خصّوا بالذكر بعد قوله : (لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُواعاً).
وقال عروة بن الزبير : اشتكى آدم ـ عليه الصلاة والسلام ـ وعنده بنوه : ود ، وسواع ، ويغوث ، ويعوق ، ونسر ، وكان ود أكبرهم ، وأبرّهم به (٦).
__________________
(١) ينظر : الكشاف ٤ / ٦١٩ ، والمحرر الوجيز ٥ / ٣٧٦ ، والبحر المحيط ٨ / ٣٣٦.
(٢) ينظر : الدر المصون ٦ / ٣٨٥.
(٣) ينظر : الدر المصون ٦ / ٣٨٥.
(٤) ينظر : البحر المحيط ٨ / ٣٤٢.
(٥) أخرجه البخاري (٨ / ٥٣٥) كتاب التفسير ، باب : «ودّا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا» رقم (٤٩٢٠).
(٦) ذكره الماوردي في «تفسيره» (٦ / ١٠٤) والقرطبي (١٨ / ١٩٩).