و «يغوث» على صورة أسد ، و «يعوق» على سورة فرس ، و «نسر» على سورة نسر من الطير ، والله أعلم.
قوله : (وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيراً) ، أي : الرؤساء فهو عطف على قوله : (وَمَكَرُوا مَكْراً كُبَّاراً) ، أو الأصنام ، وجمعهم جمع العقلاء ، معاملة لهم معاملة العقلاء لقوله تعالى : (رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ) [إبراهيم : ٣٦].
قوله : (وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ). عطف على قوله : (رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي) [على حكاية كلام نوح بعد «قال» وبعد الواو النائبة عنه ، أي قال : إنهم عصوني] ، وقال : (لا تَزِدِ) ، أي : قال هذين القولين ، فهما في محل نصب ، قاله الزمخشريّ. قال : «كقولك : قال زيد نودي للصلاة ، وصلّ في المسجد يحكي قوليه ، معطوفا أحدهما على صاحبه».
وقال أبو حيّان (١) : (وَلا تَزِدِ) معطوف على (قَدْ أَضَلُّوا) لأنها محكية ب «قال» مضمرة ، ولا يشترط التناسب في الجمل المتعاطفة ، بل تعطف خبرا على طلب ، وبالعكس خلافا لمن اشترط ذلك.
فصل في معنى (إِلَّا ضَلالاً)
معنى قوله : (إِلَّا ضَلالاً).
قال ابن بحر : أي : إلا عذابا ، لقوله تعالى : (إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ) [القمر: ٤٧].
وقيل : إلّا خسرانا.
وقيل : إلّا فتنة بالمال.
قوله : (مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ). «ما» مزيدة بين الجار والمجرور للتوكيد ، ومن لم ير زيادتها جعلها نكرة ، وجعل «خطيئاتهم» بدلا وفيه تعسف.
وتقدم الخلاف في قراءة «خطيئاتهم» في «الأعراف».
وقرأ أبو رجاء (٢) : «خطيّاتهم» جمع سلامة إلّا أنه أدغم الياء في الياء المنقلبة عن الهمزة.
وقال أبو عمرو : قوم كفروا ألف سنة فلم يكن لهم إلّا خطيّات ، يريد أنّ الخطايا أكثر من الخطيّات.
وقال قوم : خطايا وخطيات ، جمعان مستعملان في القلة ، والكثرة ، واستدلوا بقول الله تعالى : (ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللهِ) [لقمان : ٢٧].
__________________
(١) ينظر : البحر المحيط ٨ / ٣٤٢.
(٢) ينظر : البحر المحيط ٨ / ٣٦٦ ، والدر المصون ٦ / ٣٨٦.