والثاني : أنه منصوب على الحال ، أي : تعالى ربنا حقيقة وتمكنا ، قاله ابن عطية.
وقرأ حميد (١) بن قيس : «جد ربنا» ـ بضم الجيم ـ مضافا ل «ربّنا» ، وهو بمعنى العظيم حكاه سيبويه.
وهو في الأصل من إضافة الصفة لموصوفها ، إذ الأصل : ربنا العظيم ، نحو : «جرد قطيفة» الأصل : قطيفة جرد ، وهو مؤول عند البصريين.
وقرأ ابن السميقع (٢) : «جدا ربنا» بألف بعد الدال مضافا ل «ربّنا».
والجدا والجدوى : النفع والعطاء ، أي : تعالى عطاء ربّنا ونفعه.
فصل في معنى «الجد»
قال القرطبيّ (٣) : الجد في اللغة : العظمة والجلال ، ومنه قول أنس ـ رضي الله عنه ـ : «كان الرجل إذا حفظ البقرة وآل عمران جد في عيوننا» أي : عظم وجل فمعنى (جَدُّ رَبِّنا) أي : عظمته وجلاله ، قاله عكرمة ومجاهد وقتادة (٤) ، وعن مجاهد أيضا : ذكره (٥).
وقال أنس بن مالك والحسن وعكرمة أيضا : غناه (٦).
ومنه قيل للحظ جد ورجل مجدود : أي : محظوظ ، وفي الحديث : «ولا ينفع ذا الجدّ منك الجدّ» ، قال أبو عبيد والخليل : أي ذا الغنى منك الغنى ، إنما تنفعه الطاعة.
وقال ابن عباس رضي الله عنه : قدرته (٧) وقال الضحاك : فعله (٨).
وقال القرظي والضحاك : آلاؤه ونعماؤه على خلقه (٩).
وقال أبو عبيد والأخفش : ملكه وسلطانه.
وقال السدي : أمره (١٠).
وقال سعيد بن جبير : (وَأَنَّهُ تَعالى جَدُّ رَبِّنا) ، أي : تعالى ربنا.
__________________
(١) ينظر السابق.
(٢) ينظر : البحر المحيط ٨ / ٣٤١ ، والقرطبي ١٩ / ٧.
(٣) الجامع لأحكام القرآن ١٩ / ٧.
(٤) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٢٥٩ ـ ٢٦٠) عن مجاهد وعكرمة وقتادة.
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٤٣٠) عن عكرمة وعزاه إلى عبد بن حميد.
(٥) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٤٣٠) وعزاه إلى عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٦) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٢٦٠) عن الحسن وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٤٣٠) وعزاه إلى عبد بن حميد.
(٧) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٤٣٠) وعزاه إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٨) ذكره الماوردي في «تفسيره» (٦ / ١١٠).
(٩) ينظر المصدر السابق وتفسير القرطبي (١٩ / ٧).
(١٠) ينظر المصدر السابق.